........
سلوى بنموسى / المملكة المغربية
...................
- قصة موجوع على فقدان زوجته -
غاب عاما ونصف ؛ عن زوجته يوسف ؛ يهوم في أرض الله الواسعة ؛ يبحث عن عمل شريف ؛ يقيه هول الحاجة والفقر والحرمان .
وطأت قدماه أمريكا ؛ طار فرحا ؛ هاله كل شيئ !؟ وجد عملا في مقهى ؛ كمن وجد كنزا !
استهوته الدنيا الجديدة .
ولكنه لم ينسى أو يتناسى زوجته المصون ؛ التي وعدها حال ما يستقر هناك ؛ سيأتي ليأخدها ؛ وتعيش بين جنباته ؛ هي وابنتهم الجميلة رتيبة .
سعاد وجه السعد والخير عليه ! كما كان يقول ؛ ويفتخر بها أمام عائلته وأصدقائه .
عزم العودة لأرض الوطن ؛ لأنه اشتاق كثيرا لحافظة سره وشرفه وأم صغيرته .
ما إن وطءت قدماه باب الدار .
حتى أحس بريحة ودوران عجيبين . وبمغص في قلبه وحرقة في حلقه !
إنه كفن زوجته ؛ والناس تصيح بكاءا وألما وتوجعا !
لقد وافتها المنية ؛ مع صراع طويل بمرض السرطان اللعين
أرمى على الأرض كل الهدايا والمال الذي جلبه .
وبدأ ينعي امرأته أمام حشد من الأهل والأصدقاء .
وحمل ذنبها إلى عائلته ؛ لأنها أخفت عليه سر مرضها .
سالت الدموع دما !
وكأن خناجر عديدة ؛ قد مزقت كينونته حتة حتة .
لم يستطع رباطة رأسه وجأشه !
وكل الناس يصبرونه على فجيعته وخسارته .
وبعد هنيهة جاء سيدنا الفقيه الصالح ! اقترب منه وبدأ يقرأ عليه آيات من الذكر الحكيم .
وأخونا يتخبط ويزبد ويلعن ؛ في حالة هستيرية جنونية أبعدها الله عنه وعنا !
ثم ختمت الآيات القرآنية البينات ؛ بالصلاة والسلام على النبي - محمد صلاة الله عليه وسلم تسليما - العدنان الشفيع
قال له الفقيه : كل نفس ضائقة الموت يا ولدي ؛ اصبر على قضاء الله خيره وشره .
وطبطب على كتفيه .
انصرف كل الحضور ماعدا أسرتيه .
أرادوا أن يبقوا مع اليتيمة رتيبة وأبوها يوسف .
لم يشأ أن يأكل الأب أي شيئ وكيف ؟
وزوجته أضحت بعيدة عنه ؛ تفترش التراب ؛ وعبرت روحها إلى الضفة الأخرى .
اللهم هب لنا حسن الخاتمة .
دنت الصغيرة من والدها وعانقته ؛ وبدأت تمسح دموعه وتطبطب عليه قائلة : أمي في السماء ترانا حتما ستعود إلينا هذا ماقاله لي خالي .
ابتسم ابتسامة خفيفة وعانقها بقوة !
كمن يخبئها من الموت المريب .
المسكين عاش على ذكرى زوجته المخلصة ؛ ومن أجل إسعاد ابنته .
زهد في الدنيا ؛ ولم يعد ذلكم الشخص الذي تعرفونه
يا حضرات ! كبرت ذقنه عاد يلبس ملابس تقليدية .
أضحت نفسه مهووسة بدينه وصلاته وتصدقه على المحتاجين وجعل أميرته لا ينقصها شيئ !
لله الأمر من قبله ومن بعده ؛ طالما تسائلت أنا يا أنا ؟!
لم الموت قاس على القلوب والعقول ؟
لم نولد ثم نموت !؟
فبلاه العيش ! ثم أعود وأستغفر العلي العظيم .
أعزائي في الله كونوا أقوياء في حياتكم .
اهتموا بأسركم فكل مسؤول عن رعيته
واعمل أخي لدنياك كأنك تعيش أبدا
واعمل لآخرتك كأنك ستموت غدا
ولنتكلم عن المهاجر الذي يترك وراءه أسرته !
ويتغرب في بلاد الله البعيدة ! فهل نقوده ستجعل عائلته فرحانة و سعيدة ؟
أظن لا وألف لا .
لأن المادة لا تعوض العطف والحنان الذين سيقدمهما لعائلته .
ولا أحد سواه أو دونه ؛ يمكن أن يملأ الفراغ الذي سيتركه عند رحيله .
مجرد أفكار وعبر !
استقوا منها يا غاليين ؛ رجاءا ما تروه مناسبا .
أسأل لي ولكم القناعة والتبات ؛ على الصراط المستقيم
إن الله تعالى هو موزع الأرزاق ؛ وهو صاحب الشأن والجاه
فإن أراد شيئا ؛ يقول له : كن فيكون
ففي لمحة البصر ؛ قد يطلع نجمنا أو نصبح فقراء
نموت وقد نحيا .
فهو على العرش العظيم استوى ؛ ويفعل بنا ما يريد .
رحيم كريم .
سبحانك ربي إنني كنت في جهالة من أمري .
فخد بيدي وبيد المسلمين أجمعين .
الأديبة والشاعرة السيدة
سلوى بنموسى / المملكة المغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق