................
فاطمة الزهراء بوزادة
................
البنون
البنون نعمة و قسمة من الله للناس أجمعين، لا يكون لعبدٍ منّا سهم فيها إلاّ يفخر بين الناس بما رزقه الله و أنعم، و لأجلها يشقى و يغنم حتى يوفّر الحياة الكريمة لتلك الوجوه البريئة التي تخرج من الأرحام على قوامة الأصلاب، و منها يجني شتى البركات على مدى أطوار الحياة البشريّة.
إلاّ أنّنا في زمن التقدّم و التطوّر و العصرنة و تسارع الحياة نجد هذه الفئة أكثر جزء من المجتمع يتعرض لأبشع صور الاستغلال و الظلم أكان متعمّدا أم رجعيّا مقيّدا بالعادات و التقاليد.
ما تشهده الطفولة من استغلال وعنف و حرمان يفوق ما هو عليه رجال الأمّة من حال، و لنَقُلْ أنّ البداية ستكون من البيت، حيث نستعرض شوائب مجتمع يسرق براءة الطفولة و حقّها في المرح لدفعهم للاشتغال في البيت أو خارجه لكسب القوت فيصير الطفل الأكبر أبا و أمّا للأصغر سنّا أو يُحرم من اللعب و التعليم لأجل أن يشتغل لكسب قوت هو ليس المسؤول على توفيره لكنّه مجبر على السعيّ لإيجاده .
من مصائب الطفولة خضوعها للعادات و التقاليد كتزويج أو بيع القاصرات للمواخير و المترفين، أو عرض صغار الأطفال للتبنيّ مقابل مبالغ زهيدة قلّما تكفي مصاريف العائلات الفقيرة لسنة. وقد يشهد عصرنا هذا أخطر الظواهر الاجتماعية التي تنهل على الطفولة بجرائم إنسانية يندى لها الجبين استحياء، فلم يعد الأمر يتعلّق باغتصاب عشوائي لبعض الأطفال بل تجارة قائمة بذاتها و يتّم التشهير لها في العالم بكلّ الوسائل المتاحة في مواقع إباحية للساديّة التي تشتهي براءة الطفولة لتتفنّن في قتلها ببطء من الداخل قبل الإجهاز عليها بشتى أنواع الإجرام .
و لتجارة الرضّع قائمتها التي لا يجهر إلا القليل بمداها العالميّ بل حتى أنّها تنافس تجارة الأعضاء فيما يخصّ هذه البراءة المفجّعة الموجوعة من بشاعة ما تلاقيه من البشريّة. و هنا تختم الحروب بمنجلها الحاصد للأرواح حصاد مقالي هذا و ما يرويه عن أمم تجنّد باسم الدين و الدولة و اسم الجهاد و المقاومة و كلّ ما ترسمه في عقود القبليّة و العصبيّة و العنصريّة. هذه الحروب القائمة على المصالح و التي تموّنها المافيا العالميّة و الأنظمة الطاغية والجهات الإرهابية تمتّص روح الطفولة من جذورها فإمّا تجنّد الأطفال كآلية للقتل أو تنكّل بهم تفننّا لترهيب الناس.
نعمة البنون بأيدينا ألقيناها في جحيم النقم فلا سلِمَت من الحرمان و لا غَنِمت من المحبّة و لا أدركت عتبة السلام في عالمٍ السلام فيه يقاوم الاندثار و يصنع قريته من بقايا الإنسانيّة في غثاء البشريّة المنهزمة أمام فساد مجتمعاتها.
بقلم فاطمة الزهراء بوزادة
الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق