...............
أمل شيخموس
............
موازين الحياة لا بد أن تتبدل يوماً ما . . حياتي حالكة لا حب فيها ولا رحمة حتى أن المنزل كادَ يضيق عليَّ بجدرانه كالقبر المظلم ومما كان يشدُ في عدائها لشخصي هو أني دائماً أوجدتُ لنفسي مخرجاً أتنفس فيه ، إذ أن روحي الغنية بمعانٍ جليلة كانت دائماً تقشع لي ضباب اليأس والشجن الذي سببته لي ببذاءة مواقفها وتهمها الموجهة لشخصي . . إذ طالما أضاء التفاؤل صدري رغم كل شيءٍ كان صوت الضحك يخرج من بين ركام الحزن ، في الحقيقة إن إيماني بمكنوناتي كان يزيد من ثقتي بنفسي وأني تيقنتُ في دخيلتي أني أمرُّ بفترةٍ عصيبة ثقيلة الخطا فوسعتُ روحي بأن أمامي حياةً بهية جداً كلها حبٌ وأمان . . وتفاءلتُ بمستقبلٍ يحميني من الغدر وصرتُ أروحُ عن نفسي لأهون من حدة العذاب الذي أنصهر فيه بفتح طاقاتٍ من الأمل في صدري وأني سأستكمل دراستي التي أجبرتني الظروف على التخلي عنها عندئذٍ لن أكِِّلَ ولن أمِّلَ لأني سأتمسكُ بباقات الياسمين النامية من جهدي ، المرتوية من كفاحي المثابر في سبيل انجاز أهدافي وبلوغ أعلى المراتب العلمية ولن
الصفحة - 17 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
أتوقف لأني أعشقُ التعلم وآنذاك سأصعدُ السماء وألامسُ النجوم البيضاء وسأزورُ صديقي القمر المنير إنها أحلامي التي أتشبث بها بقوةٍ ولن أتنازل عنها أبداً سأندفعُ جاهدةً لتحقيق طموحي من يعلم ما الذي يخبئهُ القدرُ لنا ؟ إنها الحياة وهي مليئةٌ بالأحزان والمسرات ، عينايَ تشعان ببريق الأمل وصدري يعلو نابضاً بحب الله والتحرر من القيود التي تحولُ دون تجسيد الأمنيات كنت أجزم في سريرتي أن قيمة الإنسان هي بسمو تطلعاته وليس بطلب الظهور والشهرة . لم ينقضِ يومٌ إلا وزوجة أبي تتنبأ بمصيري ألا وهو الجنون المحتم وخاصةً عندما أحملُ يراعاً مغرداً مابين أناملي أو أطالع كتاباً حتى خُيِّلَ إليَّ بأنها عدوة العلم الأولى . وما أشدَّ احتدامها عند رؤية منظر أناملي البقعاء بمداد القلم ! فقد كانت تخالها بقعاً من الدم الملوث ، أما أنا أراها زينةً وشرفاً أن تتلون يدايَ . . كان حب المطالعة ينمو معي يوماً إثر آخر فحياتي كانت تزدادُ بهجةً وإحساساً إنَّ أجمل الساعات لدي كانت هي التي أطالعُ فيها كتاباً جديراً أتلمسهُ برفقٍ وكأنهُ مولودٌ يستحق
الصفحة - 18 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق