الاثنين، 1 مارس 2021

 ................

على غالب الترهوني
...............





البصاره .....
_________
ليست كبيره في السن عمرها بين الأربعين والخمسين شربت من ينابيع تارغلات يوم كانت صبيه ترعى الجديان على القمم السوداء -
هكذا كانت تصفها أمي قبل أن نشد الرحال إلى مضاربها تتحدث عنها كما لو كانت قديسه من أرض فلسطين كانت شاهدة على صلب ياسوع المسيح -
عليها مسحت جمال يوما ما خطبها شيخ قبيله من مملكة تيني ناي تحصنت بحجه واهيه قالت للشوافات ذلك اليوم - انا لا أفكر في نفسي أخي سلامه مازال صغيرا أمامه أعوام ليشتد عوده لمن أتركه وعازات الزمان تلتف حولنا من كل جانب -
فقلت - اين تقيم الان ؟
في الخضراء على تخوم الكوم الأدنى سافر شقيقها سلامه إلى الجنوب كان جنديا ذهب ضمن من ذهبوا للحرب هناك عاد بعضها واسر البعض الاخر أما سلامه ونفر آخر لا زالوا في عداد المفقودين استدعت ذات مره أعوانهاواستطلعتهم بشأنه وشأن رفاقه قالوا لها أخذهم طائر أبيض إلى بلاد بعيده بيضاء هي الأخرى تزوجوا من حوريات شقراوات لم يعودوا منا صاروا غرباء - تزوجت البصاره بعدها بأعوام قليله رجل مسن من مسلاته لكنها أجبرته على العيش معها - ثم ابتسمت وهي تقول لنذهب إليها ثم رمت بالمخده على المتراس وهمت بالوقوف كأنها كانت متأكده من موافقتي فقلت ....
لماذا تريدين زيارتها هل أشكو من شيء ؟
لم تجيب جهزت نفسها ارتدت حولي مقلم بالفضه ولفت خاصة حمراء على رأسها ولبست قطوف من الماجار اللامع تدلي من رقبتها حتى غطى الصدريه المزركشه بماء الذهب أعرفها جيدا كلما همت بالخروج لبست كامل زينتها -
مضى ركبنا بمحاذات الطريق العام مررنا على الركبان العابرين على الضفة الأخرى كانوا يقصدون باعة البسط والكليم والسجاد العجمي رأيت نفر آخر يحمل تلك الأمتعة على ظهور الإبل وقد وقفوا في طريقهم على الركب القادم للخضراء وقد بدى أحدهم يرفع ابهامه ناعتا لهم مكان السوق وحين وصلنا المنعطف قالت امي -
أمامنا نصف ميل لنصل إلى مكمنها الفريد
فقلت ألفريد ؟ قالت نعم سترى أن بيتها عبارة عن مملكة طاغيه تحيط بها أشجار الكرم واللوز سترى المرج الأخضر وهو يحاصر خاصرته في شوق وعناد سترى روادها من كل الأجيال -
ما إن سمعت ذلك حتى وددت أن تبتلعني الارض لا أحب البصارات منذ أن أقتلعت لي إحداهن في راس العيد اللوزتين بابهامها حتى أورثني ذلك كرها لكل النساء في الدنيا كلها - وعندما وصلنا إلى المملكة المزعومه حتى رأيت المشهد الجنائزي ثمة نساء تنوح وتمد طرفها للخواء وأخريات صرعن على الناصيه أنزلت أمي القفه على الارض حملها طفل في العاشرة من العمر كأن مظهري لم يعجبه رمقني وهو يلتقط القفه ثم أختفى تدريجيا وهو يشق بعناد حشود النساء أما الرجال خصصت لهم خيمة كبيره تتوسط الحي رأيت طفلان يحملان طراميس الماء ويلقون بها في جوف الخيمه وعندما قررنا شق الصف المتين للوصول إلى البصاره أحسست أحدهم يمسك بيدي وحين ألقيت نظره خاطفه رأيت والدي بشحمه ولحمه وهو يخاطب امي -
لايمكن أن تجدي دواء لهذا الولد لدا البصاره عودي يا إمرأه عليك أن تقنعيه أولا ان يكون رجلا قبل ان تبحثين له عن وطن...
________________
على غالب الترهوني
بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق