................
د. الشاعر إحسان الخوري
.............
رثاءُ بَطَلٍ مِنَ القُدسِ
بقلم د. الشاعر إحسان الخوري
أيُّها البَطلُ ..
عندَ غِيابكَ سيُنتَزعُ تاجُ رأسي ..
تُقْتلَعُ شَجَرةُ رَجائي ..
عِندَ غيابكَ مُصيبَتي أثْقلُ من تَنَهُّدي ..
ستَتعَذَّبُ نَفْسي ويَسحَقُني الكلامُ ..
سيَلتصِقُ عَظمي بجِلدي ولنْ أنجو ..
ستكونُ مَرارةٌ شَديدةٌ في بَطني ..
وآكلُ كلَّ أعضاءِ جسدي ...
أيها البَطلُ ...
مَنْ لا يَعرِفُ قَدركَ وهيْبَتَكَ ..؟
وإلَّا أينَ هوَ الفَهْمُ ..؟!!
أنتمُ المُرجانُ وعقلُكم الياقوتُ ..
هلْ يُوزَن الذَّهبُ بِغيرِ الجَزْعِ النَّفيسِ ..!!
وهلْ القمرُ يُضيءُ في الَّليلةِ مَرَّتينِ ؟
أنتَ مُعينُ الأبطالِ وأنتَ لهُم العُيونُ ..
أنتَ من رَضَعَ حليبَ الأسودِ ورَضْرَضَ الغُزاةَ ..
عينايَ تَراكَ كما تَرى نَفسي ..
تَتقيَّأُ الغُزاةَ ..
تُرهِبُ الأهْوالَ ..
وقُوَّتكَ لا تَجوعُ ..
اسمُكَ لنْ يَنقطِعَ من فِلسطينَ ..
أنتَ اخترتَ طريقَ الشَّهادةِ ..
وجهُكَ لنْ يُغطِّيهِ دُجى العالمِ ..
وسَتُدفَعُ من ظَلامِهم إلى مَنبَتِ النُّورِ ...
أيُّها البَطلُ ..
كما جُعِلَ للمَطرِ فَريْضةٌ ..
ولِلصَواعِقِ مَذهَبٌ وميزانٌ ..
فالمَوتُ حَقٌّ ولنْ يَهابَهُ الأبطالُ ..
وهو داءٌ مُذ وُضِعَ الإنسانُ على الأرضِ ..
بفَمي أتَضرَّعُ إلى اللّهِ ..
لَيْتَهُ يُطيلُ بِعُمرِكَ إلى الألفِ الثَّالثِ ..
ويا ليْتَ تَضرُّعي الآنَ يُسمَعُ ...
أيُّها الشَّهيدُ ..
آهٍ ..
مِيراثُ العُتَاةِ إلى الفَناءِ ..
وهلاكُهم ليسَ له غَطاءٌ ..
سيَعصِرونَ الزَّيتَ ويَعطَشونَ ..
يَنقُبونَ البيوتَ ..
وكَرأسِ السُّنبلةِ سيُقْطَعونَ ..
يَفتحونَ أعيُنهم ولا تكونُ للبصَرِ ..
يَدرُكُهم المَوتُ كالزَّوبَعةِ ..
وتَجرِفُهم من فِلسطينَ كالطُّوفانِ ...
أيُّها الشَّهيدُ ..
يا من أُباهي الدُّنيا بِكَ ...
بِخَطَواتِكَ استَمسَكتْ رُوحي ..
حَفَظْتُ طَريقكَ ولنْ أَحيدَ ..
وإن لم أتَذَكَّركَ سَتَحِلُّ عليَّ الضَّلالةُ ..
لَعنَةُ الحَياةِ و غَضَبُ الآخرةِ ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق