............
مبارك البحري
.............
السّؤال والإجابة
كنتُ في مجلس عِبْرٍ وطرح رجلٌ عليَّ سؤالا عمّن شيخي وأجبتُه قائلا إنّ القلم لا يعجز عن وصفه واللّسانَ لا يجف والعقلَ لا يحتار لأنّه فاق كلّ صفاتٍ. ولكنّني سأجتهد لأنّ اللّه لا يضيع أجر المجتهدينَ. وبكلامٍ فخمٍ بلا إكداءٍ وإعياءٍ أقولُ إنّه من اختاره اللّه ذهنا وفطنا بسرعة معرفة الأشياء حتّى صار معروفا برأيه الرّزينِ
وبدون كلامٍ لغمٍ أقول بالشّجاعةِ والبراعةِ إنّه عالمٌ لجّةٌ واسعةٌ ويتبحّر الكلّ من بحر علمه الوافر
وله عظيم الشّأن في العلم من حيث تتجمّع تحت قيادته بحور العلوم كالوادف من السّماء
وكلّما نتبحّر من بحر علمه نستتفيد منه إفادةً عظمى، وله يثمر العلم، لِأَنَّ العلم يُثْمِرُ عَلَى صَاحِبِهِ بالفضل والشّرف ويُنْمِي شرفه عَلَى طَالِبِهِ وهو أنفع ما كسبه واقتناه الكاسب. ولَوْلاَ الهِمَّةُ الَّتِي قَدْ قَصُرَتْ وَالنِّيَّةُ الَّتِي قَدْ ضَعُفَتْ، وَالخَوَاطِرُ الَّتِي قَدْ مَاتَتْ، لَكتبتُ معظم الشّهور ولأقوّم له مبلغ الظّهور
ولكنّني خارج العاطفة بعد كثرة الإعياء. ولكن أسرّ أن أخرج العبارات المنمّقة والتراكيب المحبّرة الّتي أخذتْها أرباب البراعة وأكياس اليراعة في ديوان البلاغة وميدان الفصاحة بالبليت لأجله
وأخيرا أقول لك بدون كلامٍ مزيّفٍ وغمضٍ طوعا وكرها وترغيبا وترهيبا إنّه من يكَيّسنا وَيعَلّمنا وَينَقِّي ثِيَابَنا مِنْ طَخَاءِ الأَبَاطِلِ بالعلم
ونحن بالذّات لم نزل قاطعين قطع العلم من حديقته العلميّة الّتي يغرس فيها العلمَ
وهو شيخٌ حصيفٌ ومتبحّر في العلم كالحوت في البحر، وكمثله في الدّراية أسأل ربّي أن يجعلني
حتّى أصير عالما راسخا فيها واعلم أنّ المتعمّقَ في العلم كالسّابح في البحر ليس يرى أرضا ولا يعرف طولا ولا عرضا
وأظنّ أنّ هذه الإجابة ستكفيك، لأنّني لا أريد أن أكون رجلا هذّارًا لأنّ خير الكلام ما قلّ ودلّ
ولذا عمّر اللّه شيخي بموفور الصّحّة
ورعاه من فجأة المنايا، وكفاه شرّ أعدائه
✍️مبارك البحري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق