الجمعة، 2 ديسمبر 2022

 .................

على غالب الترهوني

..................



مشاوير 81…
————————
طرابلس جميلة سواء في الصباح او المساء..تغرد نوارس بيضاء ضاقت ذرعا بالمتوسط راحت تبحث على قلوب البسطاء..سمعت انغامها وانا متدثر في فراشي .شعرت بفرح غامر .ذكرتني بمزارع البستاك في ربوع الخضراء.كنا صبية نتشبث بجلابيب امهاتنا نقصد المرج اين يوجد ارخبيل دوغة ابنة النهر العظيم ..تريض قطعان الماعز وتختفي احيانا وراء سياج الصنوبر .ننتشر كلنا نبحث عن الجديان الصغيرة .وفي تلك الاثناء تستيقض العصافير فتغرد من اعشاشها كانها سعيدة بنا ..تمضي الساعات ونحن نذوب بين الساقية والوادي وملاذنا الارض .نرسم بخيالنا على الثري مدائن لم نراها ولا سمعنا بها .نسقط النجوم ونركبها كما لو كانت مراكب صنعت لاجلنا .نغرس شجرا يثمر وخيل يصهل ونهر كالذي يشق دروبنا .حمائم تحوم فوق رؤوسنا.الارض كانت ملاذنا في كل شيءٍ.صنعنا مقالع الفحم ومخابز للطعام ونبتعد عن شجر الرمان ونعود اليه فيسقينا شهد احمر من كان مثلنا .اما هذه المدينة وان زينتها طوائر النورس لا تخصنا .فتحت النافذة مثل كل يوم فلا شمس ولا هواء ولا فرح ولا طرب .
قررت ان احزم حقائبي .سمعت الحاج يقول .هيا أيقظوا عبدالفتاح لقد تاخر الوقت ..طرق احدهم باب الغرفة تأخرت قبل ان أجيب.ليذهب الجميع انا قررت العودة الي راس العيد لا مجال للبقاء هنا .سمعت هرج ومرج خالتي قالت .ما هذا الجنون ؟ كيف يعود بهذه السهولة عليه ان يكمل عامه الدراسي اولا تم يعود .لم اسمع ان احدا رد على كلامها .خرجت من الغرفة كأنني كنت في الاسر .تماما مثل الذي يحمل هموم دنيا كاملة .رفاقي في البيت يقفون صفا واحدا وعيونهم تقول أشياء كثيرة .قبل ان اغسل وجهي قلت بحزم .انا مثلما قال عمي لن اصمد طويلا لا استطيع ان اسجن نفسي بين اربعة حوائط .انا حر مثل الطائر الجارح اذا سجنت اقتل نفسي .ومدينتكم هذه غريبة عني وانا غريب عنها .لا اتصور دنيا بلا اشجار ولا اودية ولا نار تلهب الانفاس ولا ناس يشعرون بهمي .حتي اساتذة التاريج يزورن الحقائق يتجاهلون تضحياتنا .اين نحن من هذا العالم الذي مقاسه عليكم وحدكم ونحن عالمنا يتسع للجميع ..لا مجال للبقاء.
———————-
على غالب الترهوني
بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق