الخميس، 8 ديسمبر 2022

 .............

طارق منور

.................



#البركة بين ضفتين
الحلقة 90 والأخيرة
حين خرجت مباركة من العيادة وقد بلعت طعم العطلة ... بعد ان كان لزاما على العقباوي ابعادها عن اختها ...حتى تتعافى ...رفع سماعة الهاتف و بدأ يهاتف العلمي : الووو سيد العلمي وضاح ...العلمي : نعم من معي ؟ ...العقباوي : انا مارك العقباوي ...طبيب ابنتكم سيدي ....صار العلمي يصيح في الهاتف : طمني دكتور ...والله قد قتلتنا حين منعت عنا الزيارة ...امها وانا نبكيان طول النهار....العقباوي: على رسلك يا رجل ..الحمد لله لقد جاوزت مريم مرحلة الخطر وحالتها الٱن مستقرة ...العلمي : اذن سٱتي حالا انا وامها لرؤيتها ...العقباوي : تريث يا سيدي ...من الافضل ان تأتي وحدك دون أمها ...وتحجج لها بأن الزيارة قد منعها العقباوي ...حتى تستفيق المريضة ...حار العلمي و استغرب من هذا القول : لكن لم تريد منع زوجتي من رؤيتها يا دكتور ؟ العقباوي : ليس ذلك إلا لشيء جميل ...العلمي : شيء جميل !! والله قد زدت من حيرتي ...ضحك العقباوي ورد عليه: والله ان مريم بخير ..لكن اريد الحديث معك على انفراد دون حضور زوجتك .... العلمي: انا تحت امرك ..مسافة الطريق واكون عندك ....وضع الهاتف فقابلته فتيحة وهو يهم بالخروج : من كان يكلمك في الهاتف ؟ ...فتظاهر بالتذمر ورد مكشرا : انه ذاك الجراح اللعين ...فتشبثت به فتيحة و قالت : ماذا اخبرك ...هيا تكلم !!! العلمي : يقول ان العملية نجحت لكن لا يمكن ان نراها الا بعد ان تستفيق !!! فتيحة : ومتى تستفيق يا رجل ...فصاح فيها وقد دخل في دور الثائر المغتاظ : لا أدري ...هو يقول يوم او يومين ...حسب قوتها و قدرتها على التعافي ...لقد جعلني اغلي من الغضب ....فتيحة : يعني لا مجال لرؤيتها ؟؟ العلمي : قال ان ذلك ممنوع منعا بااااتا ...وهذا ما جنني يا امرأة ....فتيحة : واين انت ذاهب الٱن ؟ فرد عليها منتفضا : اريد ان اقابل معروف هل لديك مانع !! ام تريدي ان تصاحبيني لنحجز لك مكانا معنا وسط الرجال في المقهى ؟ فتيحة : لماذا تكلمني بهذه الطريقة ؟ العلمي : وكيف تريدين ان أكلمك يا سيدتي وانا نجوم الظهر تدور على رأسي ..ربما تفضلين ان أغني لك موالا جبليا ...ارجوك يا فتيحة لا تزيدي من غضبي و اخرجي من مجالي في هذه الساعة ...ثم خرج و ضرب الباب بقوة كبيرة ...اما هي فصارت تبكي بقوة ..حتى هرعت اليها تلك الخادمة الطيبة تواسيها و تعانقها : ستشفى بإذن الله يا سيدتي ...ثقي بالله فهو الشافي المعافي .
عاش العلمي دور الغاضب المتذمر بحرفية عالية ...حتى يبعد فتيحة عن أمر الزيارة مثلما أوصاه العقباوي وراح يجري بسيارته و السؤال ينهش عقله لماذا لا يربد للدكتور ان يعودا مريم بعد العملية ؟
وصل الرجل عجولا على معرفة السبب ...لكنه حين دخل الى المكتب وجد العقباوي في احسن حالاته ..وقف له مبتسما و قال : الحمد لله مريم بخير يا سيدي ....حملق فيه العلمي ومازال لم يفهم بعد ..فقال : مادامت بخير لم لا تريدنا ان نراها...فربت الطبيب على كتفه وقال وهو يبتسم : والله لن اتكلم حتى تجلس وافتح لك زجاجة عصير تشربها ...فقال العلمي : لا بأس لكني اريد أن افهم فقط..
بعد.ان تناول العصير نظر اليه العقباوي و قال : لقد منعتكما من رؤيتها لنحضر اليوم لفرحة الشفاء ولم الشمل !!! ...لم الشمل !!! نزلت هذه العبارة على العلمي منزلا غريبا و رد متساءلا : أي شمل تريد لمه يا سيدي !! العقباوي : انت أعلم الناس يا العلمي بموضوع مبروكة ...ٱاااه ...ٱسف ...أقصد مريم ....هنا طأطأ العلمي رأسه دون أن يتفوه بكلمة ...العقباوي اكمل : لقد أخترك انت دونا عن زوجتك لأنك لا تحب الظلم ..وتحب الخير لمريم . ...دعنا مما مضى ولنفكر في المستقبل ..مستقبل مريم ...مريم لابد ان تلتقي اختها وامها يا رجل ...انا اخاطب فيك الرجل المجنون بمريم الرجل الذي لا يقبل ان تبقى تعاني الفراق والبعد عنهم ...نهض العلمي من كرسيه وقال : يعلم الله اني و امها قد ظلمناها و لكني اريد التكفير عن ذنبي وذنب امها ...و قد كنت افكر في ذلك والله و الحمد لله انت فتحت الموضوع ....احتضنه العقباوي وقال : أعلم ان الحزائري مهما شطح وعبث في حياته فإنه شهم أصيل في خواتمه ...لقد سبقت الأمر...العلمي : ماذا تقصد ؟ ...العقباوي : لقد تحصلت على رقم امها في الجزائر ...ودعوتها للحضور في اقرب رحلة الى باريس ...ويبدو ان الحجز تعذر عليها حتى بعد يومين من الٱن و بهذا ستلتقي الأم بابنتها ...العلمي و مباركة !! اين هي ؟ ...العقباوي : مباركة...لقد ارسلتها لترتاح بعيدا ...لكن حتما ستكون حاضرة .
العقباوي كان ينفذ في خطته اولا بأول ...فانظروا الى زينب حين رن هاتفها صباحا : الو من معي ؟ ..العقباوي : صباح الخير سيدتي ...انا الدكتور العقباوي من باريس ....زينب : اهلا سيدي هل لي ان اخدمك ؟ العقباوي : اعلم أنك لا تعرفيني يا سيدتي لكني أعرفك وأعرفك بناتك مباركة و مبروكة !!! جحظت عينا زينب و كاد ان ينقطع في النفس وردت وقد هالها ما سمعت : بناتي !!! انت تعرف بناتي !!! ماذا هناك !!! ما الذي جرى لبناتي ..تكلم ..هيا ..لا توسوسني يا سيدي ....هل هما بخير ؟ هل هما معك ...كلمني لم انت ساكت ...اجبني ارجوك ...كانت مصدومة و راحت أسئلتها تباعا ...العقباوي : يا سيدتي كيف اتكلم وانت اطلقت وابلا من الأسئلة ....لا تقلقي ابنتاك بخير والله ...قبل كل شيء ..انا مارك العقباوي الاستاذ المدرس لابنتك مباركة في كلية الطب..وانا ايضا الجراح الذي اجرى العملية لابنتك مبروكة ...فانهالت عليه مرة اخرى : ابنتي مبروووكة ...ماذا بها ... عملية...كيف ذلك ..يا إلاهي ...لم ارها لم اسمع صوتها مذ ولدتها وانت الٱن تقول انك اجريت لها عملية ...عملية ماذا..ما الذي اصابها ..فصاح العقباوي و هو يقاطعها : ارجووووووك اهدئي قليلا حتى أستطيع ان اشرح لك ....اصيبت مبروكة بورم في دماغها و تم استئصاله بعون الله البارحة ....وهي في صحة جيدة ....فتنفست زينب الصعداء : اااوووف الحمد لله ...واين هي أريد رؤيتها ..وصارت تبكي وتصيح ..ابنتي اريد رؤيتها ..اين هي يا سيدي ...فرد العقباوي: والله سترينها يا سيدتي ...اهدئي كي اشرح لك ...يجب ان تحجزي في الطائرة في اقرب رحلة لباريس كي تلتقي بها ...اعلميني حين تصلي كي ابعث لك سيارة توصلك اليها .
وقع هذا الخبر قد صدم زينب و صارت تنوح و تلطم خدودها حتى دخل درداغو فوجدها على ذي الحال استغرب وراح يصيح : كفي عن اللطم يا امراة فهذا حرام ...و افهميني ما الامر ؟ فحكت له زينب ما قيل في المحادثة يينها وبين العقباوي ...فهدأ الرجل من روعها و قال : لابد ان تفرحي يا زينب و تصلي ركعتين شكرا لله على الوصول الى مكانها فهذا فضل من ربي ..فقاطعته زينب : لكنه يقول ان مبروكة في المستشفى !! ...فامسكها درداغو من كتفيها وقال : يا ابنة الحلال ..لقد داخت اختها مباركة كي تعثر عليها ...حتى اتت لوحدها فلنحمد الله ونحضر انفسنا للقاءها يا حبيبتي .
نسائم البشائر قد بدأت تطل عليك يا زينب ...ٱااااه وٱااااه ...ٱاااهاتك لو أطلقت على جبل لتصدع وانشق ..عتمة الدروب كانت سائدة في أيامها و لحن الأسى طبع انفاسها من دوار الحنانشة ..لعين مخلوف ...من قالمة لعنابة ...كانت قفزات تتجرع معها المرار و كأسها مازال عامرا ...عاشت وفراق ابنتها يطوق رقبتها كحبل الاعدام ..لكن الفرج لاح وبدى و ازهرت معه لحظاتك ...غدا او بعد غد ..او حتى الاسبوع القادم ستضمين ابنتك الى صدرك ...نعم هو بالذات ما أقول ..ستلتحم ضلوعك بضلوعها بعد ثلاثين سنة تقريبا ...ستطبع شفاهك على خدودها ما شئت من القبلات .
في الضفة الاخرى و في اليوم الموالي وصلت مباركة الى براست فوجدت عجوزا تنتظرها عند مدخل المدينة ...انها باتريسيا ...هي عجوز تملك بيتا في ضواحي براست وسط الغابة و معتادة على استقبال سياح او عابري طريق في بيتها ...كانت سيدة لطيفة..ومذ ركبت معها في السيارة وهي تحكي عن شبابها وقت الحرب العالمية مع النازيين و كيف هربت هي و أمها الى سان مالو قرابة الاراضي البريطانية ...لكن مباركة لم تكن لتركز معها فقد اتى عليها تعب السفر لذا كانت تومأ براسها وفقط حتى وصلت لذلك البيت الحجري الجميل ..وضعت متاعها ....وبقيت تتفقد هذا المكان الشاعري الجميل ..كان عشاء باتريسيا عبارة عن بط مشوي و قد كان لذيذا وفي الصباح ..خرجت الشابة الى تلك الغابة المتناسقة اشجارها يقسمها في الوسط درب ترابي جميل ..كانت تترجل ماشية وهي تمعن بعيدا حيث تراءت حقول الكروم و دواليها الطويلة اسطرها المتراصة بشكل جذاب ...كان يوما افرغت مباركة فيه كل تعبها و شجونها ...وفي الليل تعشت معهم
ثم صعدت الى الغرفة وخلدت للنوم ...وراحت تحلم ... تحلم فرأت في حلمها انها مربوطة في جذع شجرة برباط غليظ و متين و هي المسكينة تحاول وتحاول جاهدة لفك ذاك الرباط لكنها لم تستطع ...خارت قواها وهي تحاول فكه وفجأة رفعت رأسها لترى ثعبانا غليظا و طويلا قد زحف نازلا يريدها ...كانت تصرخ وهي ترتعد تصيح هل من منجد ..النجدة ..اغيثوني ....واذا بامراة شبهها بالتمام والكمال ..خرجت من بين الاحراش وهي تحمل سيفا بتارا ..تجري وتصيح ...أنا معك يا مباركة فلا تخافي يااااا أختي ....وفجأة انقطع بها الحلم ...لم يكن حلما فقد كان كابوسا مخيفا ...استفاقت وقد انقطعت انفاسها و غرق وجهها في عرق كثير ...كانت ترتعد وتنظر هنا وهناك حواليها وكأنها تتأكد أن ذلك الثعبان ليس له وجود حولها ...اسرعت وتناولت الماء الذي كان في الكوب جنبها تعوذت واستغفرت ...وصارت تتنفس ببطء حتى رجع الدم في وجهها و اعتدلت ملامحها ..قامت من سريرها واتجهت الى شرفة الغرفة ...تطل منها لترى خيوط الشمس الاولى تطرد حلكة الظلام ..بقيت تتأمل في نزول نور الشمس العفية على اوراق الشجر التي خشخشتها نسمات الفجر النقية ...كانت تسترجع معها احداث كابوسها و قالت في دواخلها ....اي عبث أعيش فيه اليوم !!! اختي التي انجبتنا نفس البطن لم اكترث لها لم اواصل البحث عنها ....حتى صارت تزورني في المنام !! ....شغلت نفسي يانقاذ الارواح هنا وهناك و لم أعبأ لأختي ابنة ابي وأمي ...ثم أوقفت تفكيرها وتساءلت ...ما الذي أتى بي هنا ؟!!! لابد لي لن أن أرحل لأبحث عنها.... لابد أن أعود واحجز في رحلة الى البرازيل !!!...فسارعت بعدها لتلبس ثيابها و لم تستفق العجوز باتريسيا الى على صوت محرك السيارة ينطلق فأطلت لتلمح سيارة مباركة انطلقت كالسهم ...ثم وجدت على الباب ورقة مكتوب عليها : اشكرك على حفاوة الاستقبال والضيافة ...عذرا ..تذكرت امرا يجب ان اقضيه في ياريس .
ساعات السفر الى باريس كانت ملؤها تساؤلات ..ندم وحسرة على وقت فات دون التقصي عن مبروكة .
وصلت مع سواد الظلام الأول ....مرت مباشرة لوكالة الطيران و حجزت في اول طائرة تقلع الى ساوباولو غدا على العاشرة صباحا ...ثم عادت الى بيتها ...كانت مرهقة و نفسيتها محطمة جراء ذاك الحلم اللعين ..شغلت مسجل الهاتف ..فوجدت مكالمة من العقباوي: الووو مباركة لقد ابلغوني أنك غادرت برست حين تصلي الى باريس كلميني في أي وقت ... الامر مستعجل لا يحتمل الانتظار ...فرفعت سماعة الهاتف: الووو هااا كيف الحال يا أستاذ ؟ العقباوي: هل وصلت الى باريس ؟ ..مباركة : وصلت يا أستاذ ...لكنني غدا سأغادر الى البرازيل ....هنا تظاهر العقباوي بالاستغراب : البرازيل !!! وماذا هناك في البرازيل ؟ أنسيت عملك ؟ ..مباركة : لقد جرفني عملي و اتى على كل أيامي ونسيت ما أتيت عليه هنا الى فرنسا يا أستاذ ...لقد نسيت أختي ..اختي التي علمت انها مهندسة معمارية في ساوباولو...وسأذهب لأعيدها لأمها في الجزاىر....العقباوي : يبدو ان حملك ثقيل و لن أعارض كل ما تقولين ...لكن ...فقاطعته مباركة : لكن ماذا يا دكتور ؟ العقباوي : أردت أن أزف لك بشرتان ...تعجبت مباركة : ماهما يا أستاذ ؟ العقباوي : عملية المريض الأخيرة قد نجحت ....فرحت مباركة وابتهجت : الحمد لله ..الحمدلله ..والثانية ؟؟ العقباوي : الثانية ان المريض قد طلبك بالاسم أصر وألح أن يشكرك ....وقلنا له انك قد غادرت لسفر ...لكنه ترجانا ان نستدعيك فما رأيك ؟ ..تعجبت الجراحة الفتية وردت : يشكرني انا !!! لأول مرة يستدعيني مريض لشكري ..رغم اني قمت بعدة عمليات ..لكن اريد ان انطلق باكرا يا دكتور...العقباوي : لا تقلقي رحلات البرازيل كثيرة و تأجيل ساعة أو ساعتين لن يضر ...أنا أصر على حضورك لأني لمست منه أن سيحطم نفسيا لو لم تستجيبي لدعوته .
وجاء اليوم المعلوم يا سادة و يا سيدات و قدمت زينب ودرداغو ....قابلوا.العقباوي للحظات ثم دلهم على غرفة مبروكة التي بدأت تعود لحالتها و انطلقت في الحركة والكلام ....تعجب العقباوي ودرداغو كيف انطلقت زينب في الرواق الطويل طار خمارها من سرعتها لم تأبه له ...لم تكترث لحركة من غدى ومن راح ...قلبها يرفرف كالعلم في يوم ريح ...كانت تجري و تود ان تطير ...كانت تود كسر كل الجدران للوصول الى صبيتها ....دموعها ترافقها تغسل خديها وهي تجري وتجري ...درداغو و العقباوي وراءها ...انمحت الخلائق في عينيها و غابت الألوان و الاصوات و المعالم ...ودت لو توقف زمن الدنيا و دمرت الساعات ...رغبت لو دقت الاجراس و زغردت العذارى ...وصلت للباب فاقتحمته و صرخت ...مبروووووكة ....اناااااااامممممك يا ابنتييييي ..فرفعت مبروكة رأسها و صاحت بملء فيها : امييييييي واتى العناق المفقود ...عناق غاب لثلاثين سنة بأيامهم بلياليهم ..بحزنهم وأساهم ....عانقتها زينب وقالت اااااااه كم انتظرت هذا الحضن يا بنيتي ...اااااااه كانت تبكي وتقبلها ...اما مبروكة فقالت وهي تبكي أيضا : لقد غبت كثيييرا يا أمي ...وجرحي عميق عمييييق ....فتعاود الأم عناقها لتقول : وداعا لحزنك يا بنيتي ..وداعا لوحدتك ...لن أتركك ابدا تفارقيني ...ابدا ....كان موقفا مفعما بسعادة الدموع ..سعادة الفرحة والعناق ...الام وابنتها يتعانقان يبكيان ينغمسان في صدور بعضهن واللوم تعتريه البهجة و الجفا يلفه اللقى
كان العقباوي واقفا بجنب درداغو يضحكان وهما سعيدان لهذا اللقاء الحميمي ...لكن العقباوي نظر الى مبروكة وقال : مازالت لك فرحتان ...اليوم ساقتلك بالفرحة والسعادة و الكل يضحك و يقهقه حتى فجأة دخلت من ؟!! ...دخلت مباركة حاملة باقة ورد أحمر ....دخلت على وقع ضحك الغقباوي و قهقهة درداغو ...على وقع أحضان أمها التي لفت !!! نعم نصفها الٱخر ..اختها ..اختها مبروكة ...لم تدر إلا وهي ترمي تلك الباقة في السماء وتنطلق اليها تصرخ : اختيييييييي ....وانقضت عليها تقبل وتعانق ....ومبروكة ملتصقة فيها وفي أمها تحتضنهما تبكي وتقول : ااااااه كم كنت بحاجة لكما ....ااااااه كم افتقدت حضنكما ...اااااه كم انتظرت ذراعيكما ......كيف لكما ان تتركاني !!!
هنا تدخل العقباوي و قال بقيت لك فرحة واحدة يا مبروكة ...فضحكت ضحكة بريئة وقالت يبدو لي اني عرفتها...فدخل العلمي و فتيحة ....سارعوا اليها يحضنوها و فتيحة تقبل يدها و تقول سامحيني يا ابنتي سامحيني ...ثم تلتفت الى زينب تبكي وتعيد : سامحيني يا اختي ..سامحيني ..لقد حرمتك من ابنتك دون وجه حق ..واريدك ان تسامحيني....صمتت زينب هنيهة حتى نطق درداغو : لم تصمتين يا زينب !! قولي للمرأة انك سامحتيها او ارفضي ..لكن لا تدعيها بين نارين ....فنظرت زينب اليها وردت وهي تبتسم لها وتمد يدها لتمسك يدها وتقول : لقد سامحتك والله ....مادمت قد وجدت ابنتي وانعم الله عليها بصحتها ...والله سامحتك .....وبينما اختلطت اصوات الحاضرين وانسدت المدامع وانطلقت بهجة الأفراح ...دخلت عليهم السيدة البرازيلية اندريا وهي تقول : ااااوه حمدا للرب أنك شفيت يا سيدة مريم ....لقد مللت من الأطباق الفرنسية واريد العودة للبرازيل ههههه ...لكن قبل هذا ...اسمحوا لي أن ادخل عليكم ضيفا جاء يقدم النهاني بالشفاء ..وربما يقول شيئا ٱخر ...فدخل الرجل الوسيم ماكسيم ....كان في قمة بهاءه وقد اطلق في وجهه لحية زادته نظارة و بهاء وحين دخل ...تقدم نحو مبروكة ...ابتسم لها وقال : لا أريد ان اقدم وعدا ولا أفي به قلت سأتزوجك يعني اتزوجك هههه ...ثم التفت الى زينب وفتيحة وقال : انا المدعو ماكسيم ...اطلب يد ابنتكما مريم ...او مبروكة ..على سنة الله ورسوله ...فصفق الجميع لهذه البشرى الجميلة .
هي تلك الأيام تترنح بك يمينا و شمالا ...تضيقك علقما ...و تسقيك مرارا ....لكن فرج الله يأتيك ليكسر عجرفة النوائب و ينهمر معه سيل البهجة والأفراح ....فقري عينا يا زينب ..ابتهجي يا مبروكة و افرحي يا مباركة ...وقري .
.....فالبركة اليوم لا ولن تكون ....يين ضفتين
مباركة عادت الى الجزاىر و صارت رئيسة قسم الاورام في مستشفى ٱيت إدير للأورام ومازالت على اتصال دائم باستاذها العقباوي و تمضي عطلتها مع صبري درداغو وامها
مبروكة تزوجت ماكسيم بعد اسلامه وعادوا للبرازيل ..لقد صارت استاذة محاضرة في العمران الحديث تلف بين جامعات العالم لكنها تعود لأمها كل عام في الصيف وفي الشتاء تزور العلمي وفتيحة
اما زينب فعادت الى الريف في دوار الحنانشة مع درداغو و صارت مزرعة كبيرة يسترزقون منها
وعاش الجميع في سعادة وهناء
النهاية
طارق منور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق