الأحد، 31 أكتوبر 2021

 .................

أمل شيخموس

...................



" المصلحة و جشع الإنسان "
مقالة *
بقلم الكاتبة الروائية
أمل شيخموس// سوريا
🌸🌸🌸🌸
فحيح المصالح و الجشع . . المصلحة أمر جميل وطبيعي شريطة ألا تتعارض مع القيم الإنسانية النبيلة و حين لا تكون على الآخرين من أجلها وزعزعة القيم العظمى التي تربى عليها الإنسان منذ النشأة الأولى كقتل الأفراد على سبيل المثال لا الحصر ، فمن أجل السرقة ، أو انتهاك الأعراض تغدو المصلحة خسيسةً دنيئة .
أما المصلحة الطيبة الكريمة فكلنا نرحبُ بها و نشجعها كإستثمار الوقت وحسن إدارته و الإعتذار عن المناسبات الاجتماعية التي تحول دون تحقيق مصلحة و منفعة أكبر هذا كالطالب الذي يفضل مصلحتهُ على الجلوس مع الضيوف وقت الإمتحان . . ومن هنا نرى أن المصلحة ليست دائماً أمراً خطيراً ، أيضاً الأب الذي تخلى عن صغاره الذين ماتت عنهم أمهم فالزوجة الجديدة قد لا تحتمل الظروف القاهرة تلك فتشترط عليه الحياة الوفيرة دونهم و إيكال أمرهم إلى جدهم لرعايتهم و الإهتمام بشؤون حياتهم ، و هذا يعد مصلحة منطوية على أنانية لا تحد أيضاً كظروف السفر والهجرة التي نشهدها حالياً وبكثرة بسبب زعزعة الاستقرار في المنطقة والحروب التي تخال أنها لن تنتهي بسبب المصالح الإقليمية الخسيسة للدول العظمى ، و الأطراف المعنية المعادية حيث التدمير النهب والقتل سلب الصغار صباهم و حرمانهم ، بل تفاقم الأمر و جاوز حده إلى إحراق جلودهم الغضة ، أو بتر أعضائهم أو قتلهم على مرأى من ذويهم ، أو قتل أهليهم أمامهم . فالمصلحة -- إذاً -- تقتضي حرمان هذا الطفل من حقه المشروع في الحياة الحرة الكريمة ، فكان الفقر المدقع عاملاً من عوامل تشريده و تجويعه ، فأخذ يبحث عن كسرة خبز يسد بها رمقه ، وعن سمل بال يستر به جسده النحيل و يضطر مرغماً إلى التنقيب بين النفايات أو عن علب الكوكا كولا لبيعها مقابل رغيف يقتاتهُ بصمت وفرح سري مع إنهمار دموع الإنسانية و فرح المعدة و زغاباتها المعوية والغدد اللعابية بذاك النصر حيثُ أن الجوع كافر يا بشر ومن لم يجربهُ فليُلق بالشعارات الجوفاء التي تُعد لا تجدي نفعاً في ظل هذه الظروف القاتلة التي افتعلتها الدول العظمى من أجل مصالحها الدنيئة في المنطقة ، النفط الغاز و الثروات الباطنية وما خفي أعظم يبيحُ لهم هذه الأفعال الشنيعة التي لا تُختصرُ بمقال و لو كتبنا عنهُ بالدمع والدم أبد الدهر ما انتهى إلى خراب و دمار كان أعظم من الكتابة عنه والمأساة أمام مرأى البشرية جمعاء تُذاع مرئية على شاشات التلفزة و و سائل التواصل الاجتماعي و التقنيات الذكية الآنية مقرونةٌ بالصور الصادمة ، فالظاهر أن مفهوم المصلحة -- وهو من حق الإنسان -- يتضمن شقين أساسيين هما : مصلحة طبيعية محببة ، فمن شروطها : عدم إيذاء الآخرين أو إلحاقه الضرر المتعمد بهم و أما الشق الثاني فيعتمد الأنانية و الرذيلة والفساد سواءً الخلقي أو الضميري حيثُ تعني موت الضمير و خيانة الأمر مهما تعاظم الأذى و الجرم إذ أنَّها تصلُ حدَّ الإجرام و انتهاك حقوق الآخرين معظم الأحيان لتسيير مصالحه الشخصية و الحصول على ما يطمح بطرق ملتوية ونشهدُ أن لا إله إلا الله الذي أعطى الإنسان الحق في العيش الكريم الحر دون إلحاق الأذية بالإنسانية المعذبة فإني --ومن وجهة نظري الشخصية -- أرى الدنيا بخير و أمان ، والرزق وفير و الكون يتسع للجميع
بيد أن الإنحراف يكمن في طبع الجشع الذي يتملكُ بعض الشخصيات أو الفئات أو الدول تصل إلى حد قتل الأخ لأخيهِ في سبيل المادة و هؤلاء بالطبع يسعون إلى اكتناز المزيد متخلين عن فطرتهم الإنسانية النبيلة المجبولة على الخير ، و العيش بكرامة وحرية ، لا ممارسة الظلم و الإضطهاد كإطاحة أحد الموظفين بزميله في العمل من أجل مصلحته الشخصية ، و لإرضاء جشعه الذي لا حد له ، و الحق أن الأنانية المقيتة هي التي تجعل تفكير الإنسان محدوداً ، و تدفعه إلى انتهاك حرمات الناس ، و نهب أرزاقهم ، و سلب حريتهم و قوتهم اليومي ، و القضاء على مصالحهم التي يعتاشون منها و بها يعيلون أسرهم الفقيرة ، فالذي يقدم على إلحاق الأذية بالآخرين عدواناً و ظلماً ، و طلباً للربح ، و . . كل ذلك في سبيل ربح مصلحة المقدم على إرضاءً لغريزته البهيمية ، مجرد من إنسانيته ، بل هو أشبه بوحش كاسر .
و بعد ، فالمصلحة بشقيها : الإيجابي و السلبي تطحن الناس برحاها ، و تجعل الصراع بينهم راعفاً إلى أن يرث الله الأرض وما عليها ، فالله -- سبحانه -- يقول في قرآنه العظيم :
( فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) الرعد : ١٧ .
بقلم الروائية
أمل شيخموس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق