السبت، 30 أكتوبر 2021

 .................

على غالب الترهوني

...................



مشاوير. ..42....
_____________
امي أصابها القلق الشديد .ما أن صعدنا السهل حتى لاح لنا طيفها من بعيد .كانت تجلس على الأرض وتقاوم هبوب الريح التى عبثت ببرقعها. تارة تضع يدها على رأسها وتارة تقبض على صدرها ..قطعنا اخدود يفصل بين التبة والسهل. وحين اقتربنا همت واقفة .كانت تمسك بيدها ترمس الماء .احتظنتني كما لو أنها يأست من رؤيتي مجددا ..
أين ذهبت وقد خرجت دون أن تخبرني ؟ سألتني وهي ترش الماء على وجهي ..أجابها والدي ..كان يرتع في العمائر. .فقالت ..لم نكن نعرف انك تهوى الزروع إلى هذا الحد ..لو كنا نعلم لاشترينا أرضا في الدخيلة ..
أغلقت الترمس وهي تحثنا على العودة إلى البيت ..قالت وهي تكسر طرفها نحوي ..لدينا ضيوف ستسعد بلقاءهم. .هيا أسرع. ..
بيننا وبين الديار مسافة بضع أمتار. .يبدو في المنتصف بيتنا وهو يتوسط بضع بيوتات تناثرت يمينه وشماله. .يمر بمحاذاته طريق رملي يقصده الناس حين يودون الوصول لمملكة دوغة وما بعدها ..ولكن عادة ما يمر الناس بقطعانهم وهم يبحثون على المروج لترعى اغنامهم في فصل الربيع ..كنت أصغر سنا وانا انتظرهم لأمتع ناظري برؤية الحملان والجديان. وهي تتقافز أمام القطيع محدثة حركات بهلوانية في الهواء ..كنت اصفق لها بحرارة .أقرب بيت لنا كان بيت رفيقي علي ..عشنا سنوات ونحن نعبث بكل شيء حولنا .كنا نأكل معا ونلعب معا ..وأحيانا نتشاجر على اتفه الأشياء. .وكانت أحلامنا متواضعة جدا ..هو يقول ..أريد أن أصبح جنديا لأنه رأى ثكنة يخرج منها العساكر وهم يرتدون زي موحد. حين زار طرابلس مع شقيقه الأكبر. .أما أنا لا أعرف شيء. لم ارى إلا بلدتي الصغيرة ..حتى عندما وقع بصري على الطريق المعبد .ظننته ثعبان .لأنني رأيت ثعبان حقيقي ولكن بحجم صغير ..
حين وصلنا .كانت تربض سيارة بيضاء .واستقبلنا اطفال يرتدون ملابس نظيفة ..كانوا ثلاثة أحدهم أصغر مني سنا اما البنت كانت في مثل عمري ..قال والدي ..سلم على أولاد عمك ..والدهم صديق والدي يوم كان يدرس في الكوستا بنيتو. .كانوا رائعين جدا ..عرفوا أن اسمي عبدالفتاح ..فصاروا يقفزون ويرددون . .عبدالفتاح عاد ..عبدالفتاح عاد ..أحسست كأن أحدهم قال لهم أنني ضعت في البرية ...
مدت طفلة بعمري يدها صافحتني وهي تقول ..جميلة .اسمي جميلة ..انت عبدالفتاح ..هيا بنا نلعب ..أرني أولا مربط الفرس ..
______________________
على غالب الترهوني
بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق