الأربعاء، 30 سبتمبر 2020

 ................

حشاني زغيدي

.............




تأملات: أحن لجلسة جدتي

مازلت أذكر رسمك جدتي في مخيلتي، مازلت أذكر ترانيم ذلك الزمن الجميل، حين كنت تحيطيننا بحبك و عطفك ، كنا نرتشي أعذب الألحان من ثغر جدتي الباسم ، كنا نتلهف لسماع صوتك الرخيم ، الساكن بين جنابات غرفة جدرانها من طين ، و سقفها من سدّات جريد النخيل، أذكر حين كنا نتدفأ من فرن الغرفة الذي تعلوه مدخنة، يجملها دخان أبيض عثيم ، هناك تحلو الحكايات و الأحاجي ، حكايات لها من الخيال الرحب جمال خاص، فكنا نسافر مع تلك الحكايات الجميلة ، نحلم في الأفق، كأننا فراشات.

كانت جدتي تروي الحكايات من نبض خيالها الرحب الفسيح، تحكي فيتلبسنا خوف مهول، حين نسمع حكايات أمنا الغولة ، و في و مضات أخرى نعيش الفرحة و السرور مع حكايات و طرائف حجا . كيف ننسى جمال تلك الجلسات ؟ التي كانت تعوضنا جلسات التلفاز و أفلام الكرتون، حقا كانت لنا أيام نعدها أجمل الأيام، كنا نستمتع بتلك اللحظات الجميلة ، التي كانت تنعش الخيال و تغذي العقل، و تهذب السلوك، كانت تلك الجلسات ، تقوي الروابط و الأوساج العائلية، جلسات تجمع الكبير و الصغير، تجمع أبناء العمومة و الأخوال، كنا نقضي أيامها في زهو و فرح و مرح ؛ و لكن نعرف أنها لن تعود، فالأيام الجميلة الحلوى عدمناها في زمن الشبكات و الهواتف، و غابت معها أسمار العائلة ، في كنف بيت العائلة الكبير .

أننا اليوم أصبحنا نعيش اختلالا واضحا ، غاب فيه طيب جلسة جدتي التي كانت تسامرني في في صحوي و في منامي ، كانت جلسات جدتي كالنسمة الطيبة ، نسمة تختلف عن نسمات زماننا، حيث تعد لتلك الجلسات المخفية أثر، غير قيل و قال، و غابت معها الحكايات المشوقة ، و غابت عنها حكايات زمن جميل .
غابت جلسة جدتي التي كانت تؤنسني و ها قد كبرت اليوم ، و أصبحت كهلا، و لم أعد صغيرا كما كنت ؛ لكن أحلامي مازالت تحفظ الكثير و مازالت تذكر الكثير من أسمار جدتي ، التي كانت مصدر متعة مصنوعة من وحي خيال جدتي .

مازالت صورة جدتي والدة أبي تعيش في مخيلي رغم مضي الأعوام إلا أن ذكراها مازالت حية في قلبي، تراجعني ذكرياتها كل حين .

الأستاذ حشاني زغيدي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق