..............
دراسة من اعداد
مدحت رحال ،،،
...........
يوم في القاهرة
____________
قاهرة المعز
قاهرة الازهر
حاضنة النيل
حاضرة مصر ام الدنيا
قال الاقدمون : مصر هبة النيل
يوم أن كان النيل نيلا ،
قبل ان يغتصبوا طهره ويقيموا في وجهه السدود ،
هل سمعت بعروس النيل ؟
لا بد انك فعلت وإلا فأنت اصم
هذه العروس التي خلدتها الاساطير ،
العروس التي كانت تلقي نفسها في احضان النيل كما تلقي العروس نفسها في احضان العريس ،
فيحتضنها النيل وينشغل بها فيفيض ماءه عرمرما يسقي الزرع والضرع ،
ابدع أمير الشعراء / احمد شوقي في تصوير اللحظة بحيث تحسب أنك تعيشها ،
وشدا بها صوت أم كلثوم في لحن شجي يهز القلب ، فتتمنى لو انك حاضر تلقي بنفسك وراء العروس فتخطفها من بين انياب النيل ،
استهل شوقي قصيدته يخاطب النيل فيقول :
من اي عهد في القرى تتدفق
وبأي كف في المدائن تُغدِق
ويمضي في وصف النيل والفراعنة وموكب العروس بجلاله وهيبته وعقيدة المصريين ذاك الزمن إلى ان يقول :
في كل عام درة تلقى بلا
ثمن إليك وحرة لا تُصدٓق
زفت إلى ملك الملوك يُحِلها
دِين ويدفعها هوى وتشوق
في مهرجان هزت الدنيا به
أعطافها واختال فيه المشرق
القت إليك بنفسها ونفيسها
وأتتك شيقة حواها شيق
خلعت عليك حياءها وحياتها
أأعز من هذين شيء ينفق
ولولا ان اشق على القارىء الكريم لاطلت ،
يسمي المصريون
القاهرة : مصر
إذا لم تصدق فاستمع إلى من ياتي إلى القاهرة من الاقاليم ،
إساله : انت رايح فين وجاي منين ؟
سيجيبك : انا رايح مصر ، وجاي من مصر
ويقصد بذلك القاهرة ،
تحتاج عمرا لتطوف بمغانيها ومعالمها
لكن لا بد لك من معالم تزورها لتقول إني زرت القاهرة :
زيارة للأهرامات ، لترى التاريخ كيف يفرض نفسه
إحدى عجائب الدنيا ، تقف أمامها مبهورا مذهولا ،
كيف ارتفع هذا العملاق ، اقدامه في تخوم الارض ورأسه في كبد السماء ، وكيف اصطفت حجارة كالقلاع في نظام هندسي بديع ،
ويتلقفك ادلاء السياحة يطوفون بك بين القبور يشرحون لك تاريخها ، ولا تملك إلا ان تصغي وتهز رأسك مؤمنا ،
وترى ابا الهول رابضا شامخا براسه كحارس يحرس مملكته ،
تحدى الطبيعة فلم يرمش له جفن وهو يرى عواملها تاكل انفه حتى أتت عليه ،
اعجوبة واية اعجوبة ،
خان الخليلي ، بروائعه الاثرية ومصنوعاته الجميلة ، فتعيش الحاضر بالماضي ، ويسحرك بروحانيته وجوه العبق ،
لا تنسى ان تتناول طبقا من الكشري من بائع يقف بعربته على ناصية الشارع ،
صدق ان له مذاقا ،، اشهى من افخر الأطباق في افخم المطاعم ،
برج القاهرة ، الذي يقف شامخا في السماء يوم ان كان ولم يكن هناك ابراج غيره ،
لا بد لك ان تصعد إليه لتطل منه على القاهرة من عل ، وترى اطرافها المترامية على مد البصر من خلال منظار لا يكاد يحيط بها ، فهي تمتد على مساحات كبيرة على جانبي النيل تربطها الكباري ( الجسور ) المتعددة ، والنيل ينساب من خلالها كانه تنين عملاق ،
حديقة الحيوان في الجيزة ،
معلم هام من معالم القاهرة ،
ذات شهرة مرموقة بين حدائق الحيوان ،
ترى الحيوانات على اختلاف انواعها بين مفترس وأليف ،
منتشرة على مساحة واسعة في الحديقة الممتدة الاطراف ، وقد تحتاج يوما كاملا لتطوف فيها ممتعا ناظريك بهذه التشكيلة المتنوعة من الحيوانات ،
اما وقد شاهدت هذه المغاني وغيرها بلا بد لك من رحلة نيلية في زورق خشبي بمجداف لتكتمل لك المتعة الحسية والروحية ،
يا لها من لحظة رائعة ، فقد ركبت وبعض الزملاء هذا الزورق ، ومضينا نجدف بمرح وحبور ،
وكأن النيل ادرك اننا اغراب اغرار فانساب بهدوء رفيقا رقيقا وكانه ام تحتضن صغيرها وتهدهده برفق حتى لا توقظه من احلامه وتخيلاته ، ونسيم رطب لين يداعب وجوهنا ،
ويا لجمالها لو كانت نزهة نيلية ليلية ، فترى الانوار على ضفاف النيل تتراقص على صفحته وكانها عرائس النيل تتهادى في دلال ورشاقة فتضفي على السحر سحرا ،
من زار مصر ( ها هو لساني قد سبقني وقال مصر وانا اقصد القاهرة ) وتجول في مغانيها او مكث فيها فلا بد له من ان يتعرف على / حديقة الأورمان _ رئة جامعة القاهرة ،
مساحتها شاسعة ، واشجارها سامقة تكاد تسمح للشمس ان ينساب شعاعها بحياء بين الاغصان ، تنتشر فيها المقاعد لمن اراد ان يستريح من رياضة المشي ،
يفد إليها الطلاب زرافات ووحدانا من الجنسين بعد انتهاء محاضراتهم او في انتظارها ،
يتأبط كل منهم كتابه ،
وكم شهدت هذه الحديقة من قصص للحب نسجت خيوطها على مقاعدها او بين اشجارها ،
معلم أخر من المعالم الجميلة في القاهرة ،
حديقة المريلاند في مصر الجديدة ،
حيث الشجيرات المشذبة والنباتات الملتفة بتنسيق بديع والورود والزهور بعبقها وسحر منظرها تجعلك تعيش في اجواء ألف ليلة وليلة
هي ايضا ملتقى الاحباب
مهرجانان شعبيان في مصر :
_ مهرجان يوم شم النسيم ،
ويعتبر يوم وطني مصري بمناسبة بداية فصل الربيع ،
يخرج فيه الناس إلى الحدائق العامة والتنزهات وعلى ضفاف النيل وحديقة الحيوان ،
يقضون يوما جميلا مرحا يتناولون اطايب الطعام ،
والطعام التقليدي في هذا اليوم هو الفسيخ والخس والبصل والببض المسلوق الملون بالوان زاهية ،
_ مهرجان يوم لقاء الزمالك والاهلي في الدوري العام لكرة القدم ،
تكاد تتوقف الحياة فيه ، ويبدأ الناس بالزحف إلى استاد القاهرة منذ الصباح ،
ويعتبر الفوز في هذا اللقاء اهم من الفوز بالدوري العام ،
وفي هذا اللقاء تسعد وتستمتع بمتابعة اللعب بانفاس مشدودة ،
وبالتعليق من الكابتن / لطيف ، وهو يصف احداث المباراة باسلوبه الشيق الجذاب ،
زملكاوي او أهلاوي
هذا النشاط الرياضي تغلغل في الحياة الإجتماعية واصبح سمة مميزة فيها ،
ومنذ ان تطا قدماك ارض مصر ستجد من يسألك :
زملكاوي او اهلاوي
والطريف انك تجد معظم الطلاب من العرب يشجعون الزمالك ، لا ادري لماذا ،
ربما ان الإسم له رنة رقيقة ،
انا شخصيا كنت زملكاويا قبل ان ادخل مصر
دخلت يوما وانا في المرحلة الثانوية صالة سينما لاشاهد فيلما عربيا ، وإذا هم يعرضون قبل الفيلم مباراة لكرة القدم بين فريقي الزمالك المصري وريال مدريد الإسباني ،
ومن يومها علق اسم الزمالك بذاكرتي ، فلم أكن بحاجة للمفاضلة بين الزمالك والأهلي ،
وفي السنة الدراسية التي سبقت حرب يونيو حزيران حصلت لقاءات عدة بين الزمالك وفرق اوروبية تفوق فيها الزمالك او ادى عروضا شيقة ، بحيث اطلق عليه النقاد وجماهير الكرة المصرية / خواجات الزمالك ،
سمة اخرى تميز المصريين وتجعل للحياة الإجتماعية نكهة مميزة بين الاصدقاء خاصة منهم الشباب،
روح النكتة المصرية الظريفة
لا تكاد تجد مجلسا يخلو منها ،
سمعتم آخر نكتة ؟
ويمضي في سردها والكل يضحك لها ،
قد ياتي آخر وينضم إلى الشلة ويقول :
سمعتم آخر نكتة ؟
ويلقي نفس النكتة ، ويضحكون لها ايضا ،
اعجبتني روح المجاملة هذه ،
إلا إذا ارادوا المشاكسة ،
فيقولون : قديمة ،
حتى وإن كانت جديدة ،
ماذا بقي لم اقله ، بل هل قلت شيئا ؟
هذه مصر ، وهذه القاهرة حاضرة العروبة وحاضنة الإسلام لقرون ولا تزال ،
ازهرها منارة العلم ، خرج من جنباته العلماء أفواجا ، وانساحوا في مشارق الارض ومغاربها ينشرون العلم والفقه ، وسيبقى كذلك رغم الازمات والمعوقات ،
هو تاريخ ، والتاريخ لا يضره بضعة اسطر سطرها جهلة مغرضون ،
وجاء اليوم الحزين ،
سموها نكسة ، وكانت كارثة وأية كارثة ،
اجتاحت الكتائب اليهودية في ساعات مصر وسوريا وبقية فلسطين ،
واصيب الناس بالذهول وبالوهن واحسوا بالضياع ،
ثم أفاق الناس على صوت الرئيس جمال عبد الناصر يعلن تنحيه وتحمله مسؤولية الهزيمة
وانتفض المارد العربي المترنح يرفض الهزيمة
وما هي إلا ساعات حتى كانت شوارع القاهرة تنوء بامواج بشرية خرجت من القاهرة وقدمت من الاقاليم
يقول البعض إن الإتحاد الإشتراكي والمخابرات واجهزة اخرى وراء ذلك ،
قد يكون هذا صحيحا في أول ساعة ، ولكن الامواج البشرية الهادرة التي شهدتها ميادين القاهرة لم تكن باي حال صنع صانع ، كانت التلقائية وردة الفعل اكبر واضخم من ان ينظمها منظم ،
شاهدت ذلك وشاركت فيه ،
ثم هذه الصرخة الواحدة لجماهير الامة العربية من المحيط إلى الخليج ، من الذي نظمها وأخرجها ؟
اتصل الرئيس اللبناني واظنه إلياس سركيس بالرئاسة المصرية يخبرهم بانه إذا لم يتراجع الرئيس جمال عبد الناصر عن قرار التنحي فإن بيروت ستحترق لما كان الناس فيه من هيجان ، وازيز الرصاص يشق سماء بيروت فيما يشبه جبهة القتال ، وعجب انه لم يقع حوادث قتل او إصابات بأعيرة طائشة ،
خرجت هذه الحشود ربما ليس من اجل عبد الناصر بقدر ما هو رفض للهزيمة ، ولم يكن يمكن لاحد ان ينهض بالامة من سقطتها بعد الله إلا جمال عبد الناصر وإن كان مهزوما ،
وفعلا ما هي إلا فترة وجيزة حتى كانت حرب الإستنزاف ، وتم إغراق المدمرة الإسرائيلية / إيلات ، بصاروخ من زورق مطاطي ،
وبدات الامة تنهض من جديد ،
قيل الكثير ، ولم يُقل الكثير ،
ولكن الجماهير الغاضبة والرافضة لم يكن لديها الوقت للحساب والمحاسبة ،
كان على لسانها كلمة واحدة : لا لا لا
وبعدها لكل حادث حديث ،
اذكر هذا البوم الحزين ،
كان يوما فارقا في حياتي ،
لم اعد بعدها إلى القاهرة ،
وتلك قصة اخرى ،،،
مدحت رحال ،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق