الثلاثاء، 28 يوليو 2020

...............
هناء شبانه التميمي
.............

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏ليل‏‏

(أبي)
في مدرجك أبي
هبَطت الطائرة
كان الهبوط اضطرارياً
لأسباب قاهرة
لقد أخفَقت أمي
وكانت محاولتها
مثل رمية نرد
غير موفقة
ومثل لعبة
شطرنج خاسرة
كان ميلادي
خبراً مفجعاً
دوى صداه بكل
أرجاء ديارك العامرة
لم أكن ذكرَاً
كنت صفراً
لا شيء يذكر
لا شيء يستحق
أن يُحفظ في الذاكرة
كنت هادئة ولم أكن
مشاكسة أو ثائرة
كنت ألتزم بكل
قوانين مملكتك
وكنت أضحك
في وجه زبانيتك
وفي وجه كل
النفوس الغادرة
في قبوك البعيد
لم أجد مخرجاً
لقد كان يشبه الدائرة
لماذا لا أراك يا أبي
مع أن صوتك
في كياني
ما زال يصرخ
مثل الصافرة؟
كنتَ في دربي
كجسد دون روح
مثل شمس دون ضوء
مثل بحر دون ماء
مثل مسمار بارد
وطوق نجاة ممزق
في باخرة
لماذا لم تحرك ساكناً
يوم نهشتني الضباع
ويوم أكلتني
الطيور الكاسرة؟
كنتُ في سجن التتار
وكنتَ خلف الجدار
تقبل جنكيزاً
وتعانق هولاكو
وتسلم على كتبغا
وعلى كل الأباطرة
رأيتك مرة في
غابة الأقزام
تلعن بياض الثلج
وتمجد بالساحرة
رأيتك مرة تعلن
الايمان بكل
القلوب الكافرة
لم تكن من الأحياء
أو الأموات
أدخلتني قبل
الممات للآخرة
أدخلتني حرب
البسوس والغبراء
وأنا في الثانية
والثالثة والرابعة
والخامسة والسادسة
والسابعة والثامنة
والتاسعة والعاشرة
أحس يا أبي بكل
سهام الأرض
تمزق الصدر
والظهر والخاصرة
يا ليتني كنت لقيطة
من زمن الكلدانيين
أو الأشوريين
أو العباسيين
أو الأمويين
أو زمن
الغساسنة والمناذرة
يا ليتني كنت
سحابة مسافرة..
يا ليتني كنت طيراً
من سرب تلك
الطيور المهاجرة
يا ليتني كنت زهرة
أو شجرة
أو طاولة
أو ستارة
أو غزالة
أو لبؤة
أوقطة
أو كلبة
أو نملة
أو حتى
أفعى عاصرة
يا ليتني كنت
نباتاً
ً أو جماداً
أو حيواناً
ولم أكن
إنساناً يتعذب
في مملكتك الجائرة
هناء شبانه التميمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق