....................
إدريس جوهري
..................
خَوَاطِرُ يُوزَرْسيفْ YouZarSif
كان موعدي مع الموت مفاجئا ، على غرار كل المواعيد ،
يأتي بدون سابق إنذار ، مثل المرض الذي ينزل بنا ،
أو موعد الغرام عند أول نظرة ،
فما زالت لدي مشاريع جديدة كتيرة ،
أريد إنجازها ، تحقيقها ...
اتصلت بزوجتي ، و طلبت منها ، تجهيز الأمتعة
لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، مع الأولاد في البادية ،
هكذا كانت ،
البداية و النهاية ، الفراق الأليم ...
كان موعدي مع الموت ،
اليوم ، بعد انتهائي من الدوام ،
في الشارع ، مع سائق التاكسي ،
الذي لا أعرفه ، لكنه كان يعرفني ، أكثر من نفسي ،
إحساس غريب ، يشعرني كأنه نسختي الأصلية ،
لكن بصفائها ونقائها ، وطهارتها ، من الشوائب والمعايب ...
مثل البائع ، أو الموظفة ، التي عندما تراها لأول وهلة ،
تشعرك أننا التقينا ، يوما ما ،
أو كأننا تعارفنا في مكان ما ،
كأننا نعرف بعضنا البعض ،
إنه لقاء الأرواح ، يوم كنا عائلة واحدة ...
نعم كان السائق والراكب ، هو أنا .. " أنا " !!!
نفس الشخص ، في بعدين عالمين مختلفين ،
اجتمعا للسفر الأخير ...
بدأت أوراق الحياة ، تتساقط من حولي ،
كل واحدة باسم صاحبها ،
تعلن عن قرب الأجل المحتوم ،
تلبدت الغيوم السوداء ، في الفضاء ،
حين اعترضتنا عجوز ، على ناصية الطريق ،
فركبت معنا ، مدت يدها لتصافحني ، وتعانقني ،
في حزن ، متمتمة في أذني ، بصوت خافت قائلة :
لقد آن الأوان ، للرجوع إلى نقطة البداية و النهاية ،
مع أحبابنا في عالم البرزخ ،
كانت نفسي التي تحدثني ،
وقد شاخت في دنيا الأوهام ،
والغفلة والنسيان ، يوم تركتها لحالها ،
دون تذكير ولا نصح ، ولا أدب ،
بدون رقيب ولا محاسبة ، للقول والعمل ...
أصوات السماء ، تهتف في كل لحظة ،
أو طرفة عين ، أو ومض برق ،
لاستقبال روح إنسانية جديدة ،
لتسكن عالمها النوراني ،
بعد أن تركت ثيابها الترابية ،
حيث الخراب في بيوت الأشباح ...
كأني لم ألبث فيها ، إلا بضعة أيام ، أو دقائق معدودة ،
نسيت أني ضيف ، لأجل محدود ،
بعثت لمهمة ، أو مقاصد ، غايات سامية ،
ترقيني في عالم الملكوت ،
كي أبقى على صلة واتصال دائم بموطني ،
وأستمد المدد ، والعون من السماء ،
لكن بحار الشهوات والمغريات ، والمفاتن
سلبتني رشدي ، سرقت مني صحتي ، وقتي راحتي ،
انطفأت أنوار قلبي ، وأظلمت مصابيح الهدى ،
والصلاح والإنسانية ، صارت جوارحي ، تلهو تلعب ،
تجري وراء الملذات ، على أوتار الطمع ، والسكر والمجون ...
عقلي تعطل ، توقف عن النمو والتجديد ، والاجتهاد ،
أصبح مخدرا ، مغيبا ، ملوثا ،
مسجونا في مكتبة الاتباع والتقليد ، والجهل ...
قلبي في مستشفى المجانين ،
مع أهل الهوى ، سكران حيران ،
جريح ، ينزف دما ، كيف السبيل لعلاجه ،
فالطاقم الطبي في عطلة دائمة ، مع نفسي ،
ذهبوا إلى مستنقعات المال و السلطة و اللذة ،
يبنون المدن ، ويشيدون القصور ، ويرقصون ...
لكن نسيت ،
أني على موعد مع الموت ،
هذه الليلة ،
هكذا اتفقنا عند دخولي
أول مرة ، إلى مطار الحياة ،
فالطائرة على وشك الإقلاع ،
مازال صوت المنادي يهتف ، يناديني ،
يذكرني ، لتسجيل أمتعتي ، للمغادرة
لم أسمعه ، ولم أستوعب تلك الأصوات ،
أذناي صماء ، وجسمي ضعيف ، منهك القوى ،
لا يقوى على الحركة ، حقائب السفر فارغة ،
أضعت كل الأمتعة ، والزاد ، لمشقة الطريق التي
تنتظرني ، حان الوقت للمغادرة .. الأحباب والأصحاب ،
في بكاء وجزع ، وأنا أشاهد عرضا , لفيلم حياتي ،
الذي صورته باختياري دون إجبار ، يوم بدأت
كتابة الرواية الوردية ، ونسيت كيف ستكون
خاتمة الكتاب ... " ا .. ل .. خ .. ل .. و .. د "
@ بقلم / إدريس جوهري . " روان بفرنسا "
28/08/22 Jouhari-Driss
'Fire Keeper/Cosme Lucero on Reddit # “Death
in reality is a release and an end to the function
of the life of this world, which is a change of
place and a transformation of existence, and
it is an invitation to the eternal and eternal life
and a prelude to it.” Badi’uz-Zaman Saeed Nursi
“إن الموت في حقيقته تسريح وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا،
وهو تبديل مكان وتحويل وجود، وهو دعوة إلى الحياة الباقية
الخالدة ومقدمة لها" بديع الزمان سعيد النورسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق