الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

 .....................

أمين جياد

...............



أسطورة ضائعة
أمين جياد
..............
الأنامل السحرية التي حركت أغصان الشجرة السامقة , لم تكن تدري أن أوراقها تحمل كل منها قصة أعوام لا تنتهي , ولم تكن تدري ان الضوء المنبعث منها , سيغطي البحار والصحارى وقمم الجبال الملونة التي تبهر الابصار , هكذا في لمح البصر انفجرت الينابيع القريبة من الشجرة وتكسرت الغصون اليابسة التي عبثت بها الرياح لعشرات الأعوام , وفي لحظة واحدة , كانها العمر كله , سالت الحروف والكلمات , وأخذت مداها حتى وصلت السماء وتلقفتها الغيوم المنتشرة عبر البصر , وكأن يد نداف وزعها بأوتاره الموسيقية التي تشبه القيثارة البابلية , في كل مكان , ومن الجذور الضخمة في اعماق الأرض , انبعثت أصوات ورعود وعواصف وبريق , وخلت نفسي العاصفة التي اججت هذه الجذور , حتى أني سمعت ازيز الرعد وزحزحة الغيوم وأنين الغابة , في لجج تتكور بين أصابعي , وأحجار الياقوت والزبرجد يلفني الى القاع , هذه اللجج دفعتني دفعا الى المجهول , ورأيتني أطير بجناحي اللؤلؤين الكبيرين , على افق النهاية الوردية , وحينما نظرت الى الشجرة كانت روحي دخان ينبعث كهيئة الطير و يتوزع في الارجاء الباهرة , حينها تساءلت : ما هذا الذي يمسكني وانا أطير , هل هي العَظَمة التي ألقتني في مداراتها , وبقيت أدور ؟........
ها هي الكلمات تتسابق كالغيوم , لتكمل اسطورة الشجرة السحرية التي توزعت بين ثنايا الرياح مثل النجوم , لتكتب الألق النابت بين دمي , وكبف سأسأل هذا الذي يسحبني الى المجهول طالبا ان أضع احجاري المقدسة على ناصية الطريق التي أضاءت اقماري , هذه الطريق التي ضيعت قدمي وضيعت لهفتي المؤجلة , وكلٌ في كلّك يسعى الى ان يهرب للمجهول , وطفقت اسأل : لماذا ...لماذا ... ؟ فأوقعني السؤال الى درب لا ينتهي , ( لماذا تركت الأمين وحيدا ,
لا زهرة ترتجيه ,
ولا دمعة تصطفيه ,
وكل أخوتي ينهضون ,
وكل الشوارع ضيقة بالأمين ,
أخيط على جبهتي حلم طفل عنيد وشيخ جريج ,
فللدمع سلوى ,
وللشهوة عندي رتاج الأحبة ,
فالكون في منتهاه ,
وشأني مقام ,
يصعد ... يصعد ... نحو هذي السماء ) ،
ليس لي لجة البحر , وليس لي شهب النجوم , وليس لي عشق الملوك , وليس لي نظرة الصقر , وليس لي زلزلة الأرض , وليس لي وجد المتصوفة , وليس لي دفة السفينة , وليس لي صليب المسيح , وليس لي جناحي البراق , وليس لي ترنيمة الأم , وليس لي بعد الكواكب , وليس لي زهرة النرجس , وليس لي عطر التفاح , وليس لي كلام النمل , وليس لي وردة الحلاج , وليس لي شجرة الجنة , وليس لي طير سليمان الحكيم , وليس لي عشبة كلكامش , وليس لي قوة ذي القرنين , وليس لي جمال يوسف , وليس لي كل هذا , فأنا من ليس على ليس في ليس الى ليس وصرت المرآة الكبرى .
1-5-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق