..................
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
...............
( ملامح التجديـــــــد في الشـــعـرالعـــــربي )
القسم الثاني
.
بقلم : د. فالح الكيــــــــــلاني
.
و الشعر الجاهلي هو ديوان العرب وهو الشعر الذي قيل قبل الإسلام بمائتي سنة او اقل بقليل وقيل بمائة وخمسين سنة.
يقول الجاحظ رحمه الله :
( فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له، إلى أن جاء بالإسلام خمسين ومائة عام )
وقيل غير ذلك :
راجع كتابي ( الموجز في الشعرالعربي ) الجزء الاول – الشعرالجاهلي
وحيث تكامل الشعر واصبح شعرا ناضجا ومن أشهر قصائده المعلّقات وهي القصائد السبع التي علقت في الكعبة المشرفة في مكة وجمع العلماء والرواة مادّة الشعر الجاهلي، التي توزّعت في مصادر متعدّدة ومنها التي تبدأ بالمعلقات وهي سبع لشعراء اشتهروا بقول الشعر: أمرئ القيس، وزهير، ولبيد، وطرفة، وعمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة، وعنترة او القصائد العشر باضافة قصائد الاعشى والنابغة وعروة بن الورد شيخ الشعراء الصعاليك.
وقد جمعت هذه القصائد في كتب عديدة في اواخر العصر الاموي كالمفضليات نسبة إلى جامعها المفضل الضبّي، والأصمعيات وتُنسب إلى الأصمعي وتبلغ اثنتين وتسعين قصيدة ومقطوعة .
المصدر الثاني : دوواين الشعر الجاهلي، وهي نوعان :
1- الدواوين الشعرية المفردة ومن الدواوين المفردة ديوان زهير ن ابي سلمى وطرفة بن العبد وعلقمة غيرهم ايضا .
2- القبائل التي جمع منها الشيباني نيفاً وثمانين، ولم يبق منها إلا قطع من ديوان هُذيل نشرت في خمس مجموعات.
.
وهكذا وجد الشعر الجاهلي وتناقلت قصائده وابياتها وكانت محل علم وثقافة وادب وكثيرا ما ذكرت بها ايام العرب وملاحمهم ومناطق سكناهم وطبيعة معيشتهم وعلاقاتهم فيما بينهم .
فهذا عنترة العبسي يقول:–
هل غادر الشراء من متردم
ام هل عرفت الدار بعد توهم
وامرؤ القيس يقول:–
عوجا على الطلل المحيل لعلنا
نبكي الديار كما بكى ابن حزام
وزهير بن ابي سلمى يقول: –
ما ارانا نقول الا معارا
او معادا من قولنا مكرورا
مما يدلل ان الشعر قيل قبل مدة طويلة وان الشعراء ذكروا بعض
اسماء شعراء جاهليين اندثر شعرهم ولم يصل الينا او ان بعضهم قال ان لكثرة الشعراء فانه ربما يقولن معادا اومكرورا .
راجع كتابي ( الموجز في الشعرالعربي ) المجلد الاول – الجزء الاول
وفي الشعرالجاهلي في اواخر الغصر الجالي نجد انه اكتمل بكل الوجوه من حيث الخصائص الادبية والثقافية والمعنوية واللفظية وفنون الاغراض الختلفة التي قيل هذا الشعر فيها مما تمس الحاجة اليه وما يقوله الشاعر وما يجيش في صدره من معان او امور يهم التحدث بها فينشدها شعرا .
وكذلك نلاحظ الشعرالجاهلي الذي بين ايدينا انه كامل الصياغة ، فالتراكيب تامة متكاملة ، ولها من المدلولات ما يعبر عنه الشاعر ، وهي في الأغلب مدلولات حسية ، والعبارة تامة مستوفاة فلا قصور فيها ولا عجز او اعوجاج . وتكاد تكون الخصائص اللفظية للشعر الجاهلي في حد ذاتها الاتجاه إلى التعبير القريب وتجزئة الأوزان واستخدام الجزالة الكلامية المصوغة في الشعر واستخدام المحسنات البديعية اللفظية والمعنوية بقلة وعفوية واستخدام التشبيه بشكل ملحوظ ومباشر .
و لعل أول ما نلاحظ على الشاعر الجاهلي معانيه في قصيدته فنلاحظ انها معان واضحة بسيطة ليس فيها تكلف ولا إغراق في الخيال ولا بعد عن الواقع المعاش سواء في أحاسيسه أو حين ما يصور ما حوله في من محدثات الطبيعة ، فلم يكن الشاعر الجاهلي يعرف الغلو ولا المغالاة ، ولا المبالغة التي قد تخرج به عن الحدود المعتدلة الا نادرا ، ونلاحظ ايضا ان الشاعرالجاهلي يستقي أخيلته مما حوله من المعلوم الحسي المترامي . ربما يحكي الشاعر مغامرات أو يصف ما يقوم به او يراه من معارك او غارات او ملاحم ، فيحاول سردها سردا تتمشى فيه روح الحكاية في القصة وفي الأغلب الشعراء الصعاليك ممن يتحسسون هذه القصص او الحكايات ويكونون ابطالها .
ومن المهم ان نثبت انه ليس بين أيدينا شيء من وزن أو غير وزن يدل على طفولة الشعر الجاهلي في حقبه الأولى حتى انتهى إلى هذه الصورة الرائعة من النغمية التي عرفناها في الشعرالجاهلي واستسغناها وبنينا عليها قصائدنا منذ أوائل العصر الجاهلي حتى يومنا هذا وهذا لا يعني ان الشعرالعربي في العصرالجاهلي جاء مباشرة بهذه القوة والمتانة انما حتما هناك فترات طويلة مر بها الشعر حتى استقام بهذه الصيغة العالية التي وصل فيها او عليها . كما أننا نجد الشعراء موزعين على هذه الانغام او الموازين وكل يقول فيها بما يستهويه النغم الذي يريد دون الاكتراث بنسب الى قبيلة معينة او مكان معروف فمنهم من نسب إلى القبائل القحطانية مثل امرئ القيس الكندي ، وعدى الغساني ، والحارث القضاعي ، ومالك بن حريم الهمداني ، وعبد يغوث الحارثي والشنفري الأزدي ، وعمرو بن معد يكرب المذحجي،وغيرهم ممن انتسب الى القبائل القحطانية او الجنوبية اليمانية .
أما من انتسب الى القبائل العدنانية ا ومضر وربيعة فكثير جدا وكثير على شاكلتهم ممن انتسبوا الى قبائل الأوس و الخزرج القحطانيتين في مدينة( يثرب ) و شاركتهم النساء الشاعرات في الجاهلية ايضا مثل عفيرة بنت عثمان والخرنق البكرية وجليلة الشيبانية و جنوب بنت عجلان النهدي وهند بنت النعمان بن المنذر و الخنساء تماضر بنت عمرو بن الشريد .
راجع كتابي ( المراة العربية في الشعرالجاهلي ) طبع عمان – الاردن
وكانت كل قبيلة تعتزُّ بشاعرها أو شعرائها، فهي تحرص على أن يكون شعر قبيلتهم له راوٍ أو رواة يَحفظونه ويُؤدُّونه أداءً حسنًا يُحبِّب للناس الاستماع إليه وحفظه، وكأنهم في ذلك يستعينون على ذلك الكلام الذي مِن شأنه حين يفقد القدرة أن يطير مع الهواء - يستعينون عليه بوسائل التثبيت من موسيقى اللغة وموسيقى الأداء الشعري ونغميته حتى يستقرَّ في النفوس والعقول والأفهام، فيتحقَّق جزءٌ مِن معنى رسالة الفن في السعي نحو الدوام
والخُلود.
.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع
.
امير البيـــــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى _ بلــــــــد روز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق