................
الهادي خليفة الصويعي /ليبيا
....................
الثقافة التي هزمت الأمة (4)
السلف والخلف
ويستمر الصراع ..وهو صراع غريب عجيب بين فريقين ينتمون لنفس العصر ويعيشون في نفس البيئة وتواجههم نفس التحديات،والأدهى من ذلك أنهم يدعون بأنهم يسعون لنفس الهدف..وهو التقدم والرقي.
لماذا الصراع إذن
ينعت فريق خصمه بأنه متخلف جاهل رجعي متبلد الفكر،وينعت الفريق الأخر خصمه بأنه علماني متنصل من جذوره تابع للغرب.
وكلا الفريقين صادق و واهم، فالصراع الدائر بينهما صراع وجود لا يجب ان تكون فيه محاباة أو تعصب،بل يجب إعمال العقل،ولا يجب إهمال النقل،ولكن لا يعني هذا تغييب ذاك، ولا يعني ذاك تجاهل هذا.
فنحن أمة كساىر الأمم مرت بمنعطفات تاريخية حادة،وعصفت بها فتن في شتى مناحي الحياة، ودخلت عقولها في دهاليز مظلمة.
أستنارت بعد جهل،وجهلت بعد إستنارة، و تحولت من متبوعة الى تابعة.
عاشت في التراث وعشعشت فيه،و ركنت الى الجهل بعد ان عرفت العلم، ولكن العلم لا يأتي بأمر أو فرمان بالبحث والتقصي.
والعلم أيضا لا يأتي بمقاطعة الماضي ونعته بنعوت لا تثير سوى الإستفزاز وتعمق الفرقةوالتناحر.
فالماضي فيه بقع من الضؤ تنير الدرب،و فيه سقطات عفى عليها الزمن.
والسلف بشر ونحن بشر،لهم عقول أستخدموها وأنتجوا لنا بها إنتاج،و الخلف بشر ولهم عقول من حقهم استخدامها و تمحيص ما وصل إليها من تراث.
نحن لا نتحدث عن المعتقد الديني،فهذا لم يصلنا عن طريق السلف بل وصل إلينا بالتواتر،يعني مباشرة من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالصلاة لم يبينها لنا تراث السلف وكذلك الصوم وبقية الأركان، وقد تكفل الله بحفظ متن رسالته وهو القرآن،أما مادون ذلك فقد سمح لنا بإعمال العقل فيه،و السنة هي نقل عن طريق بشر غير معصومين، والحديث الذي يتبث نسنته الى النبي عليه الصلاة والسلام لا يرده عاقل،ولكننا نتحدث عن النقل الذي يداخلنا فيه شك من جانب الرواة او من جانب عدم موافقته للمتن المحفوظ وهو القرآن الكريم.
و نحن لا ننتقد البخاري أو مسلم او غيرهم من كتاب الحديث ولا نعصمهم عن الخطأ،وقد ذكر الكثيرون من علماء السلف بان هناك أحاديث ضعيفة عند البخاري وغيره.
أما المشكلة التي تواجهنا اليوم فهي تصدي بعض الشباب وإدعاءهم بأنهم يدافعون عن سلف الأمة وأغلبهم لم يقرأوا ما كتب السلف.
وهذا هو لب حديثنا اليوم ..فالسلف أجتهدوا في شتى المجالات وقد أصابوا وأخطأوا والخلف من حقهم ان يجتهدوا وقد يصيبون أو يخطئون.
والأمة اليوم في حاجة الى المصالحة بين السلف والخلف وذلك بتنقية التراث وأحترام العقل.
وللحديث بقية قد نعود إليها.
الهادي خليفة الصويعي /ليبيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق