.............
أشرف الفضالي
................
معانى أسماء الله الحسنى
اليوم الثامن عشر
أيها الأصدقاء موعدنا اليوم مع معانى خمسة أسماء جديدة من أسماء الله الحسنى حتى نحصيها معا فمن أحصاها حقا دخل الجنة
86 ــ الغني :
***************
من أسماء الله الحسنى التي وردَتْ في كتاب الله - تعالى - (الغنيُّ)، قال بعضهم ذُكِر (الغني) في كتاب الله في ثمان عشرة آية؛ قال - تعالى - : ( قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [يونس: 68]، وقال - تعالى -: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 8].
والغنيُّ في كلام العرب الذي ليس بِمُحتاجٍ إلى غيره؛ قال الخطابي: هو الذي استَغنَى عن الخلق وعن نُصرَتِهم وتأييدهم لملكه، فليستْ به حاجةٌ إليهم، وهم إليه فُقَراءُ مُحتاجُون، كما وَصَف نفسه فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
فهو الغني بذاته، الذي له الغنى التام المطلق، من جميع الوجوه، والاعتبارات لكماله، وكمال صفاته.
فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنيا، لأن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا خالقا قادرا رازقا محسنا فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه.
فهو الغني الذي بيده خزائن السماوات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة المغني جميع خلقه غنى عاما، والمغني لخواص خلقه مما أفاض على قلوبهم من المعارف الربانية والحقائق الإيمانية .
ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم، وإسعافهم بجميع مراداتهم، ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه، ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله وما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه مثقال ذرة، ومن كمال غناه، وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم، واللذات المتتابعات، والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحباً ولا ولداً ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، وهو الغني الذي كمل بنعوته، وأوصافه، المغني لجميع مخلوقاته .
87 ــ المغني :
******************
الله المغني الذي يغني من يشاء غناه عمن سواه ، هو معطي الغنى لعباده ، ومغني عباده بعضهم عن بعض ، فالمخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فكيف يملك ذلك لغيره، وهو المغني لأوليائه من كنوز أنواره
وحظ العبد من الاسم أن التخلق بالغنى يناسبه إظهار الفاقة والفقر اليه تعالى دائما وأبدا ، والتخلق بالمعنى أن تحسن السخاء والبذل لعباد الله تعالى .
وحينما تعي ان الله المغني منح كل البشر قدرة الحصول على المال والغنى ..
يجب عليك أن تقتلع من عقلك فكرة احتكار الأغنياء للثروات فذلك ليس من خصائص البشر. فمصدر الثروات هو الله الغني المُغني.
– ساعد الفقراء بطريقة واعية ..أي ليست فقط بسد الحاجة المادية .. هذه مساعدة مؤقته ولابد أن تقترن برفع درجة الوعي الذاتي بالقدرة على الحصول على المال.
– نشر ثقافة العطاء المادي والمعنوي . والتعامل في الحياة كالغني
وفي قول النبي ( ما نقص مال من صدقة ) يعني المتصدق لا ينقص ماله لأنه يتعامل كالغني . فتزيد بركة ماله.
– تصفية النفس من الحقد والحسد على الاغنياء وأصحاب الاملاك. فتلك مقاومة خفية تبعد عنك الغنى والبركة لانك في نفسك ترفض عطاء الله لهم !
انتبه ! من علامات ذلك ان تشعر بضيق تجاه رؤية الأغنياء او سماع أخبارهم ! تخلص من ذلك بأن تدعوا لهم بالبركة فتنعكس إليك البركة !
– أحب الخير للناس أجمعين بغض النظر عن ديانتهم .فقيرهم وغنيهم . أبيضهم وأسودهم .
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)
– كن واعياً ولا تصدق من يقولون إن المال شر أو أن حسابه ثقيل في الآخرة أو أن الفقراء أفضل من الأغنياء يوم القيامة !
فالمؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف .. وخير الناس أنفعهم للناس .. ومن دعاء النبي : اللّهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر.
– وأخيراً اعلم أن الفقر والغني مسألة روحية نفسية أكثر منها قدراً جبرياً..
فإن كنت تظن أن الله قدر عليك الفقر فالله ايضاً قدر لك الغنى لو سعيت لذلك بطريقة صحيحة ماديا ومعنوياً .
88 ــ المانع :
***************
اسم الله المانع ؛ المنعُ في اللغة ضدُّ العطية، فالمانعُ هو الذي يمنعك ممّا يؤذيك، وهو الذي يكون فيه حيلولة بين شيئين، فالمانعُ أحد أسماء الله الحسنى، وهو الذي يمنع من يستحق المنع، فليس كلّ إنسان يستحق أن يمنعَه الله، ويحميه، ويمنع أهلَ الدين، وينصرهم، ويحميهم، كما يمنع عباده من التقصير في الطاعة والدين، حيث يمنعُ البلاء حمايةً للمؤمن، ويمنع عنه العطاء ابتلاءً له، ودفعاً له للعودة، والتقرّب منه جلّ جلاله، وقد قال بعض العلماء إنّه لا بدّ من قول اسم الله المُعطي مقترناً باسم المانع، فهو مالك المنع، والعطاء، فالمعطي هو من يُمكّن عبادَه من نعمه، والمانع هو الحائل بينهم وبين نعمه.
وتقول اللغة إن المنع ضد الإعطاء ، وهى أيضا بمعنى الحماية ، الله تعالى المانع الذى يمنع البلاء حفظا وعناية ، ويمنع العطاء عمن يشاء ابتلاء أو حماية ، ويعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الآخرة إلا لمن يحب ، سبحانه يغني ويفقر ، ويسعد ويشقي ، ويعطي ويحرم ، ويمنح ويمنع فهو المعطي المانع ، وقد يكون باطن المنع العطاء ، قد يمنع العبد من كثرة الأموال ويعطيه الكمال والجمال ، فالمانع هو المعطي ، ففى باطن المنع عطاء وفى ظاهر العطاء بلاء . وهذا الاسم الكريم لم يرد فى القرآن الكريم ولكنه مجمع عليه فى روايات حديث الأسماء الحسنى وفى القرآن الكريم معنى المانع ، وفى حديث للبخارة :اللهم من منعت ممنوع .
89 ــ 90 ــ الضار النافع :
*************************
تقول اللغة إن الضر ضد النفع ، والله جل جلاله هو الضار ، أي المقدر للضر لمن أراد كيف أراد ، هو وحده المسخر لأسباب الضر بلاء لتكفير الذنوب أو ابتلاء لرفع الدرجات ، فإن قدر ضررا فهو المصلحة الكبرى . الله سبحانه هو النافع الذي يصدر منه الخير والنفع فى الدنيا والدين ، فهو وحده المانح الصحة والغنى ، والسعادة والجاه والهداية والتقوى والضار النافع اسمان يدلان على تمام القدرة الإلهية ، فلا ضر ولا نفع ولا شر ولا خير إلا وهو بإرادة الله ، ولكن أدبنا مع ربنا يدعونا الى أن ننسب الشر إلى أنفستا ، فلا تظن أن السم يقتل بنفسه وأن الطعام يشبع بنفسه بل الكل من أمر الله وبفعل الله ، والله قادر على سلب الأشياء خواصها ، فهو الذى يسلب الإحراق من النار ، كما قيل عن قصة إبراهيم ( قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم ) ، والضار النافع وصفان إما فى أحوال الدنيا فهو المغني والمفقر ، وواهب الصحة لهذا والمرض لذاك ، وإما فى أحوال الدين فهو يهدي هذا ويضل ذاك ، ومن الخير للذاكر أن يجمع بين الاسمين معا فإليهما تنتهى كل الصفات .
يقول الزجاج: "والجمع بين الاسمين أدل على كمال القدرة وتمام الحكمة، والله تعالى يضر وينفع، ويعطي ويمنع، ودلالة مجموعهما أن الخير والشر بيده، وأنه مسبب كل خير ودافع كل شر، وأن الخلق تحت لطفه يرجون كرمه"، ويقول الرازي: "هذان الوصفان في حقه هما صفة مدح، فلا نافع ولا ضار غيره، وهذان الوصفان إما أن يعتبرا في أحوال الدنيا أو في أحوال الدين؛ ففي الأول نجد أن الله تعالى هو الذي يغني هذا ويفقر ذاك، ويعطي الصحة لهذا ويسلبها ذاك، وأما في أحوال الدين فهو يهدي هذا ويضل ذاك، ويقرب هذا ويبعد ذاك، وحظ العبد من هذين الاسمين الكريمين أن يكون ضارًّا بأعداء الله، نافعًا لأوليائه؛ قال تعالى: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54]، وأن يكون اعتماد العبد بالكلية على الله وحده.
فلا ضار ولا نافع إلا الله، ومن يدرك ذلك، يطمئن قلبه وتهدأ نفسه؛ لأنه سيعيش بمأمن من مكائد الناس وشرورهم، فالله تعالى ينفعه ولا يضره، وإذا أراد به ابتلاءً، فمن المؤكد أن هذا الابتلاء في صالحه؛ وذلك لأن الله يغفر بصبره على البلاء ذنوبه، ويكفر عنه سيئاته، ويرفع درجته ومنزلته، وهو سبحانه وتعالى حكيم ودود لطيف خبير، وله كل صفات الجمال، وهو عز وجل يريد لعبده الخير والفلاح والاستقامة؛ ولذلك فإن المسلم يجب أن يرضى على كل حال، وألَّا يحزن على ما أصابه؛ لأن ما أصابه من عند الله وبقدر الله، وقد يكون ذلك خيرًا له في دينه ودنياه.
ولعله من المهم هنا أن نؤكد على أن ما ذكرناه حول اسمه تعالى (الضار النافع) لا يتنافى مع مبدأ الأخذ بالأسباب؛ فالمريض يجب أن يطلب العلاج في مظانِّهِ، والذي يشعر بالبرد عليه أن يبحث عن الدفء، وإذا خشي الإنسان ظلمًا يناله، أو توقع شرًّا يحدق به، فعليه أن يلجأ إلى الله، ويستشير من يساعده في دفع هذا الأذى، فالأخذ بالأسباب كان من دأب الأنبياء والمرسلين والصالحين، مع عظيم توكلهم على الله؛ فقد صنع نوح عليه السلام سفينةً بأمر الله تعالى، وحمل فيها من كل زوجين اثنين، وضرب موسى البحر بعصاه، وخطط النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة وأحكم التخطيط، فكانت أعظم هجرة في التاريخ، فهاجر سرًّا وأخذ بالأسباب، ووزع الأدوار على أصحابه، وغير ذلك من الأمور التي يطول ذكرها، وهي تدل دلالةً قاطعةً على عدم ترك الأسباب .
وحظ العبد من الاسمين أن يفوض الأمر كله لله وأن يستشعر دائما أن كل شىء منه وإليه
******************************
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
وإلى اللقاء غدا بعون الله في خمسة معان جديدة لأسماء الله الحسنى
محبكم في الله/ أشرف الفضالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق