الخميس، 2 يناير 2020

......................
احمد علي صدقي
..........

لا يتوفر وصف للصورة.



لغتي العربية التي أحبها.
اذا كان الناس يحلمون باليل بما يحبونه فانا من صغري أحلم بالكتابة، ليلا ونهارا ولا زلت احلم بها حبا في اللغة العربية وبلاغتها.
فياليتني أجد يوما آذانا صاغية تسمعني وعقولا راقية تفهمني وبنقدها تصوب خربشاتي لتيسر لي الطريق الى هذه اللغة الجميلة للأخذ بناصيتها. أتجرأ تارة بل تارات على اقتحام عتبات أبواب الكتابة بدون قرع أبوابها وبلا استئذان من استخدام حروفها.. كبير حبي لها يجعلني اتجاسر على هذا. احس ان لحظات الاستئذان هي انتظار يضيع لي وقتا اريد استثماره في خوض غمار الكتابة حتى ولو أنني اعرف أن كتاباتي وبنات افكاري ستكون مستحسنة من القلة و مستهجنة من الكثير، ولكن حبي للغتي يجعلني فوق كل هذا.. فأنا أعرف أن اللغة العربية تحب من يحبها وتقدر احساسه اتجاهها ولمن أخذ القلم يريد مشاركة و ابلاغ ما يسكن بدواخله من آراء حول محيطه وحول نفسه تسهل عليه زواج حروفها وتراكيب كلماتها لبلوغ مراده.
مرات تخيفني اللغة، بعض الشيء، بنحوها و صرفها واملائها ولكن كم أجدني فرحا مرحا حينما أقرأ ما حبره قلمي وأجد حروف لغتي قد صاغت من بنات افكاري دلالات، بقدر معرفتي طبعا، وليست كتلك الدلالات التي تحُثُّ الأعين على رؤية الجميل والآذان على سماع ما يطرب والألسن على التلفظ بما ينعش ويلهم ولكن دلالات ترسم ما يخالج دواخلي وما يعبر عن ما احس به اتجاه احوال عالمي.. اجدني مما تزاوج من الثمانية والعشرين حرفا قد نسجت استعارات، رغم بساطتها، فهي تخلخل من الاذهان و تحرك من القلوب من فهم مقصدي.. لغتي تعطف علي دائما، ربما بالقليق من معانيها ولكنه كاف لابلاغ بنات افكاري وجميل احساسي وبسيط تعابيري لمن هم امثالي. لغتي دائما تجاملني فهي تعرف ضعفي وقلة حيلتي وعزتي لها. فتجاملني لكي لا تصدمني فتبعدني عنها بالمرة. او تبرز لي عيوبي فألومها. وهذا لم يكن يوما من طبعي. انها تعرف اني أحبها حتى وإن سخطت علي يوما زاد حبي لها اياما لانني اعرف ان الذنب ذنبي وأن صبرها علي كثير. فانا من يجرأ على دغدغة حروفها وهي ترى وتردد متجلدة متحملة مصائب اخطائي. كلما قنطت اجدها تقول لي:
- سر على بركة الله. سيذللني لك ربي ويوفقك للاخذ بناصيتي. لقد عرفت حروفي وكونت منها كلمات، مرة دالة ومرات ينقصها التشذيب. فلا بد، مع الارادة والشغف والمتابرة، ان تستوعب مضامين علمي و تبني لك بهذه الحروف والكلمات جملا اخاذة بمعانيها الراقية وتعابيرها الدقيقة. استمر وانا أُُطَعِّمُ رصيدك من بلاغتي بعلم بيان ومعاني وبديع.
كلامها معي جميل ولكنه مجرد مجاملة. فهي تعرف وانا اعرف حقا ان جموح علمها لا يرود بكتابات سطور شبه خالية المعنى بل يطوع بمعارف العارفين يؤخذ من وراء ردع اقلام الناقدين المتمكنين ممن سبروا اغوارها واكتشفوا خباياها.
طالما سمعت منها هذا الكلام الجميل. لحبها حاولت مرات ومرات ان أسبر اغوار كهوف تعابيرها لكن دائما أخطئ الطريق فأتيه في غيابات جب معانيها. اركب حروفها بكل تأن محطاطا أن لا اجرح متلقيا بتعابيري ربما المستقيمة تارة ولكن المعوجة تارات كثيرة. كم رجوت وتمنيت حينها لو اجد منقدا يعيرني سمعه فيعينني على ازالة اللبس لكن لا أجده، او ناقدا يسخر لي قلمه لكن لا اجده ايضا. لا اجد حينها لا ناقدا ولا استاذا يعينني بإنارة من علمه ونقده فينير ظلامي ويتفهم من كلامي ما عبرت به بهذه اللغة التي نطقت بها ويستجيب لما قالته لي اللغة الام فيعينني بدقائق من وقته ويبعد عني تلك الشارات الصماء الخرساء (like) او (j'aime) او تلك الايقونات التي تضحك على ذقني او تتعجب لتفاهاتي وانا أُغَمِّسُ بفُتَات تعابيري خارج طاجين البلاغة. لو ترك النقاد العارفون هذه الإشارات الفيسبوكية القليلة الدلالة الكثيرة السخافة من تعاليقهم وسخروا أقلامهم لتعبيد طريقي بنقد بناء لتعلمت منهم الكثير ولتعلم منهم كل جريء مثلي يتطاول على الكتابة وهو لا يجيد علمها ويطمح لذلك. لو سخر هؤلاء النقاد اقلامهم لردع خربشاتي وخربشات امثالي لما كنت ولما كان كل من يريد الكتابة يقف عند اول سطر امام ورقته البيضاء مدة طويلة قبل ان يرمي بحروف تصطف فوق سطورها بلا معنى.
لقد سئمت هذه الاشارات الصماء التي تملأ صفحات الفيسبوك. اشارات تقلل من معرفة القارئ وتهين الكاتب.. اقبح ما اخترعه صاحب الفيسبوك لاستحمار الناس هي هذه الاشارات.. حين اكون امام صفحتي افكر فيما ابدأ به و تطلب مني الورقة بداية كتابة ما يخالجني من آراء وذكريات وتعابير لكن أجد فكري متحجرا غير قادر على ذلك، وافكر حينئذ ان ما سيعبرون به القراء هو هذه الاشارات فأمقت الكتابة و ينتابني العزوف عنها. وكثيرا ما تركت مواضيع مهمة، كانت تدفعني لطرحها، لهذا السبب..
مودتي لكل استاذ وناقد وكاتب سمح لنفسه بمدي ولو في دقيقة، بكلمة صريحة حول ما أصطفه من حروف على صفحتي واظنه كتابة...
شكرا لكل من اخذ من معرفته وامدني بالقليل منها ليزيد من معرفتي...
شكرا لكل عارف كتب وتكلم وبدل بالحروف هذه الليكات likes التي لا تدفئ مسكينا من برد في شتاء ولا تكيف بيتا من حرارة في صيف.

احمد علي صدقي من المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق