الجمعة، 31 يناير 2020

..............

نبيل نواف الجرمقاني
..............


لغة اذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا بردا على الأكباد
ستظل رابطة تؤلف بيننا
فهي الرجاء لناطق بالضاد

محاورة بين اللغة العربية الفصحى وبين اللهجة العامية ...
...
( بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية سأنشر هذه الحوارية التي كتبتها منذ ما يربو على عشر سنوات
...

الفصحى : أسعدتِ مساءً أيتها العامية .
العامية : ابعدي عني ، لا تحاكيني ، لساتك ورايي ورايي .
الفصحى : ما بكِ ؟
العامية : ما بيكفيني اللي عملتيه فيي إنت وأنصارك ؟
الفصحى : ماذا تقصدين ؟
العامية : كل ما طلع أنصاري بفكرة جديدة للترويج إلي ، وقف أنصارك بوجهي متل السد ، ليمنعوا كل وسيلة لانتشاري . وآخر شي ، طلعوا لي بفن جديد، قال شو ؟ حملة لدعم اللغة العربية .
الفصحى : هذا شيءٌ بَدَهِيٌّ ، لأنه في النهاية ستكون الغلبة للأقوى دائماً .
العامية : كيف هيك ؟ اعربي لي ياها ؟
الفصحى : عُدّي على أصابِعِك :
1 - أنا أقدمُ اللغاتِ .
2 - أحتوي على ظاهرةِ الإعرابِ التي لا توجدُ في أيةِ لغةٍ أخرى .
3 - مُناسَبَةُ حُروفي لمعانيها .
4 - لكلِّ حرفٍ من حروفي مخرجُهُ وصوتُهُ الخاصُّ بهِ .
5 - سعةُ مفرداتي وتراكيبي .
6 - سعتي في التعبير .
7 - غزارةُ صيغي وكثرةُ أوزاني .
8 - احتوائي على ظاهرةِ المجازِ .
9 - أحتوي على فنونِ اللفظِ كالبلاغةِ والفصاحةِ والإيجازِ .
10 - انفرادي بالاحتواءِ على حرفِ الضادِ .

العامية : بس رغم كل اللي قلتيه ، بشوفك أنا وأنصاري لغة عقيمة جامدة .
الفصحى : لا ، أنتِ مخطئةٌ كلَّ الخطأ في ذلك . فأنا لغةٌ حيةٌ ، أتمتع بحيويةٍ كبيرةٍ تميزني مِنْ كثيرٍ من اللغاتِ الأخرى ، بدليلِ قدرتي الكبيرة على التعريبِ واحتــــــــواءِ الألفاظِ مِنِ اللغاتِ الأخرى بشروطٍ دقيقةٍ معينةٍ . كما أنني أتميزُ بظواهرَ هامـةٍمُمَيِّزَةٍ ، كالترادفِ والأضدادِ والمشتركاتِ اللفظيـــــــةِ . وبقدرتي الكبيـرةِ على الاشتقاقِ وتوليدِ المعاني والألفاظِ .
العامية : طيب ، شو رأيك بأنك لغة الملل والقواعد المعقدة ؟
الفصحى : سأردُّ على ما تقولين ؛ كلُّ لغةٍ منَ اللغاتِ لها قواعدُها ، وبالتالي ، فإنَّ كلَّ لغـةٍ ستلاقي هذه التهمةَ مِنَ المغرضينَ الذينَ يسْعَوْنَ للقضاءِ عليْها . ولكنْ إذا سلَّمْنا جَدَلاً بما تقولين ، فإنَّ العَيْبَ مِنْ أهلِ هذه اللغةِ وليسَ منِ اللغــــةِ ذاتِها . أيْ أنَّ بعضَهم ابتعدُوا عن لغتِهِمْ ، كارهينَ إيَّاها بفِعْلِ دعوتِهِم للغاتِ الأخرى .
العامية : يعني إنت بترفضي تعلم اللغات الأجنبية ؟
الفصحى : لا ، على العكس من ذلك ، على المرءِ أن يتعلمَّ لغةً أجنبيةً ، أو أكثرَ منْ لغـةٍ إنْ استطاعَ إلى ذلك سبيلاً . فمَنْ تعلمَ لغةَ قومٍ أمِنَ شرَّهُم ، وعلينا أنْ نعترفَ أيضاً بأهميةِ إتقانِ اللغاتِ الأجنبيةِ للاطلاعِ على العلومِ الحديثةِ . ولكنْ يجبُ ألاّ يكونَ ذلك على حسابِ لغتِنا العربيةِ .
العامية : لكن اللي بيغيظني منك ومن أنصارك : ليش كل هالتآمر ضدي ؟
الفصحى : هل تسمِّينَ الدفاعَ عني مؤامرةً ؟
إنَّ المؤامرةَ الحقيقية هي في الدعوةِ لإحلالِ اللهَجَاتِ العاميةِ المختلفـــةِ مكاني ، فأنا أواجِهُ عِداءً داخلياً وخارجيا ً . ففي الخارجِ يطالبــــــــونَ مُواطِني كلِّ قطرٍ عربيٍّ باعتمادِ اللهَجَاتِ المحليةِ لغاتٍ رسميةً ، فعدُّوا اللهْجَةَ الأمازيغيــــــــةَ في المغربِ العربيِّ لغةً ، وكذلك الكرديةَ في العراق ، والنوبية في مصر . أما على الصعيدِ الداخليِّ ، فقد قامتْ في لبنانَ – مثلاً – دعوةٌ لكتابةِ اللهجةِ المحليـــــــةِ بأحرفٍ لاتينيةٍ . وهناكَ حزبٌ سياسيٌّ في مِصْرَ يُسَمَّى حزبَ الأم ، شعارُهُ : التخلصُ منْ عُقدَةِ العروبةِ . ويرى أنَّ اللغةَ العربية لغةٌ استعماريةٌ .

العامية : طيب شو بيضايقك لو كتبوا اللهجات المحلية العربية بأحرف لاتينيـــــــة ؟ ما هيي الأحرف اللي بتنكتب فيا أحرف اللغة الأكتر انتشار بالعالم .
الفصحى : أنا لا أنكر انتشارَ اللغةِ الانكليزيةِ الواسعِ ، ولكنَّ للحرفِ العربيِّ جمالَهُ ورونقَــهُ وشكلَهُ الهندسيَّ المميَّزَ ، ويكفي أنَّ العديدَ منَ اللغاتِ تتخذهُ وسيلةً للكتابةِ ،كاللغةِ الفارسيةِ والباكستانيةِ والأرديةِ .
وفي النهايةِ أقولُ لكِ : إنني منتصرةٌ عليكِ لا محالة ، وسأقضي عليكِ بالضربـــةِ القاضيةِ ، وإليكِ الدليلُ القاطعُ على ذلك : قال الله تعالى في الآيةِ الثانيةِ منْ سورةِ يُوسُف : ( إنَّا أنزلناهُ قرآناً عربياً لعلَّكُمْ تعْقِلون ) . ثمَّ قالَ في الآيةِ التاسعةِ منْ سورةِ الحجر : ( إنَّا نحْنُ نزّلنا الذكْرَ وإنا لهُ لَحَافِظون ) . فقدْ وَعَــدَ اللهُ عزَّ وجلَّ بحِفْظِ القرآنِ الكريمِ .. وبالتالي ، حِفْظ لغتِهِ التي نزلَ بها ...
...مساؤكم سعادة دائمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق