الخميس، 30 يناير 2020

..............
ليلى كافي/تونس
.............


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏



كنتُ وقهوتي نتصفّح حروف درويش،...تلك الحروف التي تمرّغت في البنّ ثمّ ارتمت في الماء لِتستحمّ،لكنّها غابت في أعماق الإبريق تستمتع بالسّباحة....حاول درويش استعادة حروفه لينثرها فوق الورقة فرفضت...أيّ حروف تلك التي تعصي صاحبها؟؟؟ أخرجتْ حروفُه رأسها من الماء لتقول:"أنا هنا أنعم بالرّخاء، أتمرّغ بتراب القدس،وأشرب من ينابيعه ماء النّقاء". حار الشّاعر الحزين وهدّدها بالنّار،فاستهزأتْ قائلة:"أعلم أنّك حين يفور الماء سترحمني وستُطفئ النار"... وهكذا كان ما تنبّأت به... اِحتال الشّاعر المسكين وسكبها في فنجان اشتراه من سوق فلسطينيّ قديم...،...لعلّ قلمه يخطف الحروف... آه من تلك الحروف حين تُصرّ على تحدّي قنّاصها،لقد قفزت قبل القهوة في الفنجان ولم يبق لدرويش إلا اتّهامها بالظّلم والبهتان...!!!! لكنّه عدل عن إغضابها لعلّها تستكين،وقال لها:"القهوة هي المرأة والمرأة هي الحبّ والحبّ هو المرأة"... أخرجت الحروف رأسها من جديد وقالت له:"أنت تتغزّل بها ولا تأبه لي،أنت ترغب في الكتابة وأنا عصيّة عليك اليوم"... فجأة رَمَتْ نَفْسُهُ الشّباكَ واصطادت الحروف التي كانت تتصاعد مع البُخار الهارب من الفنجان في رقصة صُوفيّة جديدة،...نسيت الحروف أنّ درويش قنّاص منذ سنين،يروي لقهوته كلّ صباح ما تحمله نفسه من حنين لفلسطين،ويرسم بعد كلّ رشفة صوت قلبه الحزين،ذاك القلب الذي لا يطلب إلّا نوما فوق تُراب القدس الأمين... خجلتْ قهوتي وقالت بعد صمت طويل:"...أَلَنَا أن نكتب يوما هناك "قصيدة الحياة"،في حيّ من أحياء فلسطين العظيمة أم سنبقى كما نحن الآن نرتدي ثوب الهزيمة؟؟؟؟؟؟"...
_____________________[[ ليلى كافي/تونس ]]


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق