.................
محمد الباشا/العراق
................
قصة قصيرة
العنوان/تمرد مرفوض
= = = = = = = = = =
قالت لي أمي وهي ترى بين عيني التعب والانزعاج من حال عائلتنا :
_ أبوك يواجه مشاكل في العمل ، نحن أمسينا بلا أمل ، يراودنا الموت والأجل ، جار عليه صاحب المصنع ولجهده واماله قد قتل ، سرق تعبه وتركه ورحل ، وأختك مريضة تعاني العلل ، وانا امرأة قسى علي الزمن وأصبت بالشلل ، وانت شاب صغير وكتفك النحيل الكثير قد أحتمل ، فلا تجزع مما علينا قد نزل ، ولا تستعجل بزواجك ان تأجل وأنهمل .
أجبتها :
_ لقد قسى عليّ الدهر وجار ، ولم يتركني كباقي الشباب بلا أوزار ، حملني مسؤولية كبيرة فكان معي بائس وغدار ، جعلني بمصير عائلتنا مشغولا ومحتار ، ان البشر قاس كله أشرار ، والأرض لن يكون فيها مكاناً للأخيار ، حبيبتي على الأبواب بالأنتظار ، أظن تأخري سيجعلها بلا خيار ، وترضى بأبن الجار ، عندها ستتركني وتلوذ بالفرار .
تركت أمي راكضاً الى البحر فهو ملاذي ، أذرع البحر اجدها واسعة ، لجأت إليه أحدثه بصوت عال :
_ يا بحر هل أجد عندك حلا للمشكلات ، طائر النورس ينتظر مني خطوات ، وأنا تائه بينه وبين أهلي الذين يعانون من قسوة الحياة ، أم أنت ستتركني وحدي بلا خيارات .
رحت أجلس على أحد صخوره الوديعة ، اتمتع بتقلبات أمواجه ، تمنيت أن أغوص باعماقه ، زبد مياهه راحت تداعب اقدامي .
بينما انا كذلك وأذا بقارب ، يحمل رجلاً كبيراً راح يرسو بقربي ، قال الرجل :
_ سمعت عن بعد منك نداء ، قلت مع نفسي ربما هي أصداء ، لكنني رأيتك ترمي حجارة في الماء ، تنظر اليها وكأن في قلبك أشياء ، عندها أيقنت أنك تطلب مساعدة أو مزيداً من الآراء .
قلت له :
_ أريد الهرب من الأرض الى البحر ، قررت ان أعيش فيه لعلي أجد كائنات أرحم من البشر ، الا تأخذني معك في سفر ، وترميني في جوفه لعلي أجد عنده المستقر .
اركبني الرجل معه في القارب وراح يحدثني :
_ الحياة أينما تكون هي واحدة كلها الآم ، الصراع مستمر فيها على الدوام ، انظر لذاك الحوت انه يأكل بلا أنتظام ، تابع ذلك القرش يقتل السمك ويفترسه ولا يعرف السلام ، ذلك الطائر ينتظر لحظة الانقضاض ويحقق الانتقام ، الكبير يرهب الصغير والتجوال بحرية حرام ، حتى تلك الشجرة على شواطئه لم تسلم من الأسقام ، أما باطنه ففيه قصص عجيبة كالأحلام ، قتل وتشريد وسعي وراء الرزق وكلهم ينتظرون الختام ، لا يغرنك ظاهرة ففيه مصائب عظام .
قلت له :
_ يا شيخ أرجعني الى الساحل ، لاعتذر لأرضي عن فكري الجاهل ، وأنسى ما قررت فعله وما كنت فاعل ، فإني أخطأت بكل المسائل ، وتقديري للأمور وكيف أردت ان أعاجل .
نزلت في نفس مكاني ، تركني الرجل هو وقاربه ، نظرت عيوني للسماء وقلت بدمع وحسرات :
_ عذراً على مغامرتي المتمردة يا رب العالمين ، سأرجع الى عقلي ويكون أيماني أساس لدربي وبك أستعين ، النفاذ من سلطانك وحكمك تفكير المجانين ، الحكم لك في الأولين والآخرين ، سأبقى راض بما قسمت والحمد لله رب العالمين ، وساعيش مسالماً وأحب الخير للناس أجمعين .
رجعت بسرعة الى أهلي واحتضنتهم.....
بقلمي...محمد الباشا/العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق