الأحد، 27 سبتمبر 2020

 ................

محمد خالد الأمين

.........................



مُنَــاجَـــاة
********
سَقَــــاكَ اللهُ ألْطَافَ الرَّحِيمِ
........ وَرَحْمَتُـــهُ ظِـــــلالٌ كَالنَّسِيمِ
عَمِيمُ الفَضْلِ بِالحُسْنَى سَخِيٌّ
........ لَهُ مَــا شَـاءَ فِي نَحْرِ المُقِيمِ
هُوَ اللهُ الجَلِيُّ وَأنْــتَ دَاجٍ
........ تُنَـــاطُ بِستْرِهِ سُبُــل العَديمِ
'وَلَيْسَ كَمِثْلهِ شَيْءٌ' وَلَا مَنْ
........ يُمَــاثِلُــــهُ لَـهُ مُلْكُ الرُّسُومِ
وَللهِ الخُلـــــودُ وَلا سِــوَاه
....... وَكُلٌّ مَنْ عَليْهَــا بِـــالرُّدُومِ
لَهُ المَلَكوتُ بِالأبْرَارِ سَامٍ
....... وَنُورُ سَمَائِـــهِ رُوحُ الأَدِيمِ
وَدُنْيَـا دَارَةٌ تَسْرِي وَأُخْرَى
...... بَقَـاءٌ أمْرُهَـــــا أَجَلُ العَظِيمِ
لَــهُ فِي مَجْرَيَــاتِ الكَوْنِ أَمْرٌ
...... كَتَــرْتِيبٍ وَتَدْبِيـــــرِ النُّجُومِ
وَأَوْرَى فِي العُرُوقِ تَدَفُّقَاتٍ
.... تُزَكِّي الرُّوحَ مِنْ ثَدْيِ القَسِيمِ
وَمَا مِنْ حِكْمَةٍ فِي الفُلْكِ إِلَّا
...... وَنَحْنُ نُحَاكُ فِي العِقْدِ النَّظِيم
إِلَــهِي فَكَّ معْضِلَةً وَأَرْسَى
...... وَقَالَ أَيَـــا حَيَـــاة فَاسْتَقِيمِي
وَمَا الدُّنْيَا بِأَرْيَاشٍ تَجَلَّتْ
....... وَإِنَّ خَفِيفَهَــا فَأْسُ الفَصِيمِ
كَفَى اللهُ الوَرَى نِعَمًا وَمَا مَنْ
....... سِوَاهُ لَهُ النَّوَالُ مِنَ الغُيُومِ
وعَدَّلَــــكَ الإِلَــهُ بخَيْــرِ طَرْزٍ
... وَفِي أَبْهَى مِنَ الوَضْحِ الوَسِيمِ
تَهِيمُ عَلَى قَفَا الدُّنْيا هَلوعًا
...... وَحَبْــلُ اللهِ بِــالعَهْدِ القَوِيـمِ
إِلَهِي أَنْـتَ رَبُّ الكَــوْنِ رَبِّي
..... أَجِرْنِي مِنْ دُجَـاجِيِّ الجَحِيمِ
أنَا العَبْدُ المُسِيءُ بِغَيْرِ قَصْدٍ
.... نَغبْتُ مِنَ الخَطَايا شُرْبَ هِيم
وَذَنْبِي جَاحَ رِيحًا مِنْ غَبَاءٍ
...... وَعَفْوُكَ شَافِـعُ الإثْمِ الوَخِيمِ
أُرَجِّي مِنْ بُحُورِ الشِّعْرِ فُلْكًا
...... إِلَى شَطِّ الثَّــوَابِ المُسْتَقِيمِ
إِلَى رَبّ الوَرَى صَارَ ابْتِهَالِي
...... وَخَفَّ قَفَايَ مِنْ كَيْلٍ دَسِيم
رَجَوْتُ مِنَ الجَلِيلِ نَدِيَّ كَسْبٍ
..... وَهَلْ جَشَعُ الأنَامِ مِنَ النَّهِيمِ
رَكَعْتُ لَهُ وَحَرْفِي مِنْ خُشُوعِي
...... يفِيضُ مُنَاجِيًا صَفْحَ العَلِيـمِ
مَلَأْتُ الخَدَّ دَمْعًا مِنْ بُكَائِي
...... وَصَارَ الجِلْدُ طَفْحًا كَالفَحِيمِ
أَرَانِي فِي النَّدَامَةِ مِنْ فِعَالِي
....... وَبُـؤْرَتُهَـــا فِخَــاخٌ لِلكَظِيمِ
وَدَائِي رَحْمَةٌ وَإِليْكَ صَبْرِي
...... وَمِنْ سَقَمِي أُتَوَّجُ كَـالسَّلِيمِ
وَكَيْفَ يطِيقُ أَنْيَابَ اللَّيَالِي
...... وَلَا يَتْلُــو مِنَ الذِّكْـرِ الحَكِيمِ
غَرِيبٌ فِي مَتَاهَاتِ الدُّنَا بَلْ
..... أَنَا الشَّبَــحُ المُحَلَّـلُ كَالسَّدِيمِ
وَلَوْ أذْنَبْتُ فِي ضُعْفٍ وَعَوْزٍ
....... بِجَاهِ مُحَمَّدٍ بَلْسِمْ كُلُــومِي
هِيَ الأَحْلامُ زَاغَتْ مِنْ جُمُوحٍ
..... وَإِلْجَامُ الهَــوَى قَيْدُ الخُـرُومِ
وَإِنَّ الخَلقَ يُفْتَنُ فِي مُجُونٍ
... إِذَا مَـا النَّفْسُ ضَاعَتْ فِي الدَّمِيمِ
وَنَفْسي غَزْلها كَخُيوطَ عِهْنٍ
...... تُفَخَّرُ مِنْ لَظَى السُّوء الرَّجِيمِ
أَعِنِّي أَقْتَفِي نِبْرَاسَ جِذْرِي
....... وَنُورُكَ فَرْقَدُ الخَطْــوِ البَهِيمِ
وَكَيْفَ أرَاوِدُ الإِمْسَاكَ زُهْدًا
...... وَأَقْطِفُ مَـــــا تَدَلَّى مِنْ نَعيم
عُجِنْتُ مِنَ التُّرَابِ بِكُلِّ فخْرٍ
...... وَمَــا طِيــنٌ تَعَفَّنَ بـــالرَّمِيم
وَأُصْبِحُ مِنْ قِيَـامٍ في حُبُورٍ
.... وَأُمْسِي فِي قِمَاطِكَ مِنْ نَسِيم
وَصَارَ الذَّنْبُ لَا يَزْكَى حَيَاءً
...... وًمِنْ صَفْحٍ يُذَلُّ كَمَــا اللَّئِيمِ
وَإِنّي خَاضِعٌ لَكَ فَاحْتَسِبْنِي
.. كَمَنْ فِي حَوْضِكَ الرَّحْبِ الكَرِيمِ
إذَا مَاجَ المُسِيءُ عَلَى التَّمَادِي
..... أتَــــاهُ تَوَعُّــدٌ كَرُؤَى الحَلِيمِ
وَمَا تُحْصَى الفَضَائِلُ مِنْهُ عَدًّا
...... تَفُوقُ كِفَايَـةَ الخَلْقِ الجَميمِ
مُنَاجَــاتِي إِلَيْكَ وَأَنْتَ سَــام
...... وَأَنْـتَ الكُـلُّ بِالعَــفْوِ العَمِيمِ
نَفَيْتُ خَوَاطِرِي وَحَضَنْتُ نَفْسِي
.. وَأَرْبَى السُّوءُ وَاسْتَوْفَتْ هُمُومِي
أَلَا يَــــا نَفْس قَدْ أَذْنَبْتُ لَمَّـا
.... أَمَرْت وَإِنْ خَضعْتُ فَلَا تَلُومِي
يَسُوءُ اللَّفْـظُ مِـنْ شِدْقٍ مَسِيخٍ
..... وَيُدْمِي خِسَّـةً كَصَـدَى الهَزيمِ
أَرَى سُوقَ المَظَالِـمِ نَاحَ بَغْيًا
.. وَمِنْ دَمْعِ الوَرَى حُفِرَتْ وُشُومِي
وَيَا رَبَّ العِبَــادِ وَأَنْتَ تَدْرِي
..... فَكُنْ سَنَــدًا عَلَى رَدْعِ الظّلُومِ
وَقَدْ تَسْتَلُّ مِنْ دُنْيَـا التَّـــــلَاشِي
.. كَمَا يَطْفُو البَيَاضُ عَلَى الصَّرِيمِ
وَلَا تَلْوِ اللِّسَـــــــانَ عَلَى رقَابٍ
... فَقِ البَلْوَى وَعُضَّ عَلَى الشَّكِيمِ
وَمِنْ كُنْهِ الخَوَاطِرِ فَاضَ نَبْضِي
..... كَتَرْتِيــلٍ عَلَى الضِّلْــعِ الأَثِيمِ
وَدَاوِ جُرُوحَ أَفْئِــــدَةٍ تَفَشَّتْ
..... وَأَنْـتَ مُرَمِّـمُ العَفَنِ الذَّمِيـمِ
أَتَيْتُكَ مُسْتَجِيـــرًا مِنْ سَعِير
..... بِعَفْوٍ يَسْتَقِيمُ عَلَى وُجُـومِي
هُوَ اللَّيْلُ الكَئِيبُ بَكَى فُصُولًا
..... بِلَا دَمْـعٍ كَمـا الرَّحِمِ العَقِيـمِ
كَأَنَّ سُهَــادَهُ كُحْـــلٌ وَقَيْظٌ
...... وَمَــــا خَدٌّ يُوَرَّدُ بِـالسَّمُومِ
فَزِنْ مَا شِئْتَ مِنْ كَيْلِ اللَّيَالِي
...... وَلَا تَزْنِدْ كَمَا زَنْـدِ الهَشِيمِ
كَسَانِي فَضْل رَحْمَتِهِ بَهَاءً
..... وَجَزْل عَطَائِهِ كَنْز الصَّرِيمِ
ضَلَلْتُ عَنِ المسَالِكِ فِي مَسَارِي
..... وَصَـارَ الخَطْوُ ثِقْـلًا بِالزَّنِيمِ
وَهَذَا الحَـــرْفُ مِنْ نَــدَمٍ وَآبٍ
.... سَكِيب الدَّمْعِ مِنْ وِزْرٍ جَثُوم
وَلَسْتُ كَمَنْ يَحُضُّ النَّحْرَ طَعْمًا
..... وَبِئْسَ كَمَـنْ يَدُعُّ قَفَـا اليَتِيمِ
وَقُلْ رَبِّي أُسَائِلُ غَضَّ طَرْفٍ
.... فنَحْبِي وَالمَدَامِـعُ مِنْ غَشِيمٍ
لَهُ الحَمْـدُ الَّذِي أَبْهَى تَوَابًـا
.... وَشَـعَّ النُّـــور مُتَّقِدَ البَرِيــمِ
أَلَسْتَ الخَلْقَ فِي دَرْجٍ تَعَالَى
...... بِحُكْمِ العَقْلِ وَالنَّسَبِ الأَرُومِ
نَرُوحُ كَمَــا وُلِدْنَـا فِي ثَوَانٍ
...... وَلَا نَدْرِي مَتَى أَجَــلُ الرَّقِيمِ
وَكُنَّا الأَمْسَ نَسْبَحُ فِي جُنَاحٍ
..... وَصِرْنَا اليَوْمَ نُكْـوَى بِالقَدِيمِ
أَلَا يَا رُوحُ قَدْ أَذْنَبْتُ فِيمَا
..... نَسَجْت وَكَانَ غَزْلِي بِالمَلُومِ
تَزُوغُ النَّفْسُ فَاحِشَــةً وَذاتِي
..... تُطَاوِعُهَــا كَشَيْطَــانٍ رَجِيم
وَدُكَّ عَلَيْهِ حمْلُ الذَّنْبِ حَتَّى
..... تَصَلَّبَ عَظْمُـهُ يُبْسَ الحَطِيمِ
فَهَـا أَنَذَا بَسَطْـتُ أَكُفَّ زُهْدٍ
... وَمِيقَاتُ الحِسَابِ عَلَى العُمُومِ
أَلَا يَـــا رَاكِب الدُّنْيَـــا بِغُفْلٍ
..... فَلَيْسَ المَــوْتُ حِكْـرًا لِلْعَدِيمِ
لَقَدْ عَادَ الخَلَاصُ فَلَيْتَ شِعْرِي
..... يُذِيبُ تَرَسُّبَ الْإثْــمِ الجَسِيمِ
لَكَ الحَمْد الَّذِي أنْدَى كَفَافِي
...... وَنَمَّقَ رَوْضَتِي سِتْرَ الْغنيمِ
لَهُ الْإِجْلَالُ رَبِّي مِنْ سُجُودٍ
.... يَخِرُّ لهُ الوُجُـودُ مِنَ الصَّمِيمِ
محمد خالد الأمين

*************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق