................
صالح سعيد / تونس الخضراء
.................
لِقَاءٌ
لَمَّا اسْتَدَارَتْ خَلْفَهَا طَاشَتْ سِهَامِي عِنْدَهَا،
لَمْ تَدْرِ أَنَّ رِمْشَهَا أَحْيَا الفُؤَادَ وَقْتَهَا....وَتَمَايَلَتْ.
كُنْتُ أَجُولُ الأَرْوِقَة أَقْضِي دَوَاةً جَمَّةً،
فَتَعَطَّلَتْ بِمَدَائِنِي كُلُّ الأَمَانِي جُمْلَةً.....وَتَمَاوَجَتْ.
وَظَلَلْتُ أَرْقُبُ نَبْضَهَا وَأُغَازِلُ لَمْعَةَ عَيْنِهَا،
وَأُرَتِّبُ مَوْعِدَ هَصْرِهَا وَأَعُدُّ سَاعَةَ بَوْحِهَا.....فَتَجَاوَبَتْ.
عَادَتْ سِهَامِي رَاقِصَة تَحْكِي جَمَالَ الفَاتِنَة
تَرْوِي لِقَاءً وَارِدًا بَعْدَ مُرُورِ العَاصِفَة....فَتَغَامَزَتْ.
فَشَرِدْتُ أَنْظُمُ قِصَّتِي، أُشْفِي غَلِيلَ غُلْمَتِي
وَطَرَقْتُ بَابَ مِحْنَتِي، وَرَجَوْتُ كَسْرَ وِحْدَتِي....فَتَفَهَّمَتْ.
وَتَعَجَّلَتْ حَاجَاتِهَا تَرْمِي بِهَا أَشْوَاقَهَا،
وَتَطَايَرَتْ آفَاقُهَا لِرُكُوبِ نَجْمٍ هَالَهَا....وَتَفَتَّحَتْ.
فَعَلِمْتُ أَنَّ وِدَّهَا سَارَ بِخَطْوٍ قَبْلَهَا،
يَرْنُو لِرُوحِي الهَائِمَة يَرْسُو أَسِيرًا عِنْدَها...وَتَضَاحَكَتْ.
فَخَطَوْتُ خَطْوِي نَحْوَهَا وَبَسَطْتٌ كُلِّي، يَا لَهَا!
مَا كُنْتُ أََعْرِفُ أَنّهَا عُصِرَتْ بِنُورٍ خَدُّهَا......فَتَدَلَّلَتْ.
كُنْتُ سَلاَمًا نَاعِمًا لَمَّا لَمَسْتُ جَمْرَهَا،
فَسَرَتْ بِكُلِّي رَعْشَةٌ أَذْكَتْ لَهِيبَ ثَمْرِهَا......وَتَوَقَّدَتْ.
وَسَرَى الدَّبِيبُ بَيْنَنَا، وَالخَلْقُ كُلٌّ حَوْلَنَا،
يَلْهُو بِمَلْءِ قُفَّةٍ، مَا هَمُّهُ مِنْ هَمِّنَا....وَتَرَنَّمَتْ.
زَفَّتْ بِرُوحِي قُبْلَةً دَوَّتْ بِدَرْبِي عَاصِفَة،
جَالَتْ بِكُلِّي ثَائِرة فَسَرَتْ لُحُونِي نَائِحَة....فَتَعَلَّقَتْ.
كَانَتْ هِضَابًا قَاحِلَة تَحْتَاجُ وَدْقًا نَاعِمَة،
فَسَرَتْ مِيَاهِي دَافِقَة رَتَقَتْ شُقُوقًا نَاتِئَة....فَتَدَاخَلَتْ.
وَشَمَمْتُ وَرْدًا نَيِّرًا وَلَمسْتُ ثَمْرًا لَيِّنًا
وَرَشَفْتُ خَمْرًا مُسْكِرًا سَالَ بِجِسْمِي جَنَّةً.....فَتَعَتَّقَتْ.
كَانَتْ سُلاَفًا خَالِصة نَفَذَتْ لِغِمْدِي لاَعِجَة،
فَتَذَاوَتَتْ كَاسَاتُنَا وَتَعَشَّقَتْنَا العَاجِلَة....وَتَأَلَّقَتْ.
فَدَخَلْتُ لَيْلاً حَالِكًا، وَقَطَعْتُ دَرْبًا شَائِكًا،
وَعَلَوْتُ بُرْجًا سَامِقًا وَرَأَيْتُ رَبًّا خَالِقًا.... فَتَذَاوَبَتْ.
وَقَفَ الزَّمَانُ بُرْهَةً لِيَرَى لِقَاءً خُلَّبًا،
غَطَّى سَمَانَا لُؤْلُؤًا وَزَبَرْجَدًا وَتَنَاغُمًا....فَتَبَعْثَرَتْ.
دَخَلَ بِبَعْضِي بَعْضُهَا، وَالرُّوحُ مِنَّا هَائِمَة،
وَأَضَعْنَا كُلَّ حَاجَةٍ، وَطَرَقْنَا بَابَ اللاَّئِمَة.
وَإِذَا الرَّقِيبُ بَيْنَنَا يَرْوِي كَلاَمَ السَّائِبَة.
فَتَرَكْنَا كُلَّ حَاجَةٍ وَأَخَذْنَا دَرْبًا غَافِلة.
وَرَسَمْنَا تَوْقًا شَائِقًا، وَمَحَوْنَا طَوْقَ القَافِلة.
صالح سعيد / تونس الخضراء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق