الجمعة، 30 يوليو 2021

 ...................

نادية التومي / جويلية 2021

...................



قصة من صميم الواقع
الجزء الخامس
ترجى عم صالح كثيرا جاهدة بأن لا تشتكيه لمديره، رأفت لحاله ولبكاء رجل في عمره واستخلصت من هذه الحادثة أن دهاء حماتها رقية لن يتوقف ويجب ان تأخذ موقف. قررت جاهدة ان ترحل على بيت حماتها وان تذهب تعيش مع والديها. ذهبت منذ الساعات الاولى للصباح لتجمع ادباشها وتأخذ لوازم نومها وسرير ابنتها سليمة، ولم تعرف انها ستنتظرها مفاجئة أخرى من حماتها. منذ دخولها نظرت لها رقية نظرة كلها حقد، وقالت لها رقية: لماذا جاءتي. مكثتي عند اهلك اليس كان افضل؟ فأنت لا تنتمي لهذه العائلة. تناست رقية ان لها دم يربطها بكنتها فهناك سليمة والمولود القادم. لم تعر جاهدة اهتمام لكلام حماتها واستفزازاتها وواصلت طريقها الى غرفتها، في الأثناء كانت ملامح رقية تحمل ابتسامة مخفية واستهزائية وفيها نوع من الشماتة، فتحت جاهدة باب غرفتها وكانت الصدمة الكبرى، لم تجد غرفة نومها ولا السرير، صاحت باعلى صوتها اين غرفتي؟ اين سرير ابنتي؟ اين وضعتهم يا ام رقية؟ ردت عليها الحماة ببرودة دم بعتهم، نعم بعتهم. بدأت جاهدة تصيح وقالت لها كيف تتجرأين وتبيعين شيء ليس ملكك، كما انني انا أعطيت ابنك المال ليشتري غرفة النوم، فغرفة النوم الأولى الذي صنعها النجار ووضع مبلغ من المال انت ذهبت واخذتها لإبنك الاخر عند زواجه. قالت لها رقية كفاك صياح احمل ملابسك واحمد الله انني لم افرط فيهم، ثم هل تريد الاستحواذ على غرفة النوم وانت قابعة عند اهلك، كما انني ساعطي هذه الغرفة لابني الاخر المتزوج وهو لم يعد قادر على الكراء.
نعتت جاهدة حماتها بابشع النعوت، فهي كانت في حالة هيسترية، وقالت لها ان الله لن يغفر لها صنيعها. من الصدف ذلك اليوم رجع حماها رؤوف من العمل ففي عادته يعود للبيت متأخرا ولا يعلم ما يدور في بيته كانت رقية وبناتها يخفين عليه كل شيء، وعلم رؤوف بما حصل وثار على زوجته وقال لها ان الله سيحاسبك ولن تهربي من العقاب وان كل هذا ستراه في بناتك وصحتك، كان دعاه عليها يقشعر منه الابدان، نظر لكنته والدمع يملئ العين قائلا لها ان الله لن يضيع حقك. ثم أعطاها مقدار من المال وقال لها ان توفر اكثر سيعطيها اياه.
عادت جاهدة ادارجها لبيت والديها منهارت تماما، وعند دخولها للبيت جثت جاهدة على الأرض مغميا عليها، هرع جميع من في البيت لها وكانت أمها ناجية تبكي دما بدل الدموع على حظ ابنتها. مكثت جاهدة طريحة الفراش تحت تأثير الصدمة، وبدأ الشهر الأخير من الولادة يقترب، كانت جاهدة تعيش مع والديها كان والدها عبد المجيد يحبها كثيرا ويلبي طلباتها فهي كانت اخر العنقود ومدللة البيت. وكان يعيش في البيت ايضا اخوها يوسف وزوجته وابنه الصغير في نفس سن سليمة، كانت جاهدة تتقاسم كل شيء مع زوجة اخيها حتى الحليب. ضاقت ضرع زوجة الأخ حليمة وبدأ كل يوم ينشب خصام في البيت، وكانت الام ناجية تحتار بين ابنتها وبين الكنة.
البيت الذي كانت تسكنه جاهدة كان صغير لا يتسع لكل افراد العائلة، فعبد المجيد كان في صغره قبل ان يتزوج بناجية يملك أموال طائلة اضاعها في القمار والشرب واللهو مع النساء، وعندما تعرف على ناجية كانت مطلقة ولها ثلاثة أبناء راض بها ليكمل معها نصف دينه، وهي أيضا لم ترفض عندما خطبها فهي تعيل ثلاثة أبناء من زوجها الأول الذي كان يحبها ولكنه كان غيورا ويضربها فلم تصبر وتتحمل ضربه لها، تزوج هو الأخير وانجب أطفال ولكن ناجية بقت في البال لانها حبه الأول وام صغاره. تزوجت ناجية من عبد المجيد وانجبت طفلين منه وكان له بيت كبير بقى له من ورثه الذي فرط فيه، وكان يعمل سائق سيارة اجرة بين المدن, في اول السنوات كان عبد المجيد يعيش حياة هنيئة مع أبنائه وأبناء زوجته، وكان يدلل الجميع ويصرف عليهم ولكن كانت جاهدة الأكثر دلالا في البيت ولا يترك احد يوجعها بالكلام او يضربها. زوج عبد المجيد أبناء زوجته، الى حين جاء الدور على يوسف زوجه احسن تزويج. لم تعطي الحياة فرصة ليوسف فطلب من ابوه ان يعطيه مقدار من المال ليؤسس مشروع، لم يجد الاب أي سبيل فاقترح عليه يوسف بيع البيت واكتراء بيت صغير، مهمه الاب واحتار وبالحاح من ابنه باع البيت، بدا يوسف يعمل في المشروع ولكن سرعان ما فلس واندثر كل المال. حزنت كل العائلة ضاع البيت والمشروع والآمال والاحلام، اقترح احد الأقارب على يوسف ان يذهب ويعمل مع أبناء اخواله في الجزائر, فرح جدا واكد لابيه انه سيرجع كل الأموال الضائعة، ولكن تجري السفن ضد الريح سرعان ما رجع يوسف خف اليدين لم يقدر ان يعيش في الغربة وبعيد على زوجته. وبقى يعمل كصانع في عديد من دكاكين التجار لبيع الدواجن وطبعا لم يستطيع تغير البيت الصغير على وجه الكراء والذي لا يتسع لكل افراد العائلة. كل يوم يزداد الخصام بين جاهدة وحليمة حتى على ابسط الأشياء والتي كانت تشكي جاهدة ليوسف والذي لم يعد يستحمل وجود اخته معهم، مما اضطر عبد المجيد وناجية البحث على بيت لجاهدة ويكون مستقلا لها وقريب من بيتهم.
بقلم نادية التومي / جويلية 2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق