................
أحمد المقراني
...........
الحدأة والقط حكم ومواعظ
الحدأة صلصلت في جوها ارتفعـــت°°°بحـــدة عينــــها للــربا مسـحت
أعدت مخالبــها المنقــار يبغـي دمــا°°°يبغي فرائس مَنْ شوكاتها نزعت
تهوى الأرانب والصيصان رغبتـها°°°كذا الضفادع والفئران قـــد ألفت
وكل ذي شــوكة لا يلقى جــــرأتـها°°° ولا تروم له قــــربا وإن سغبت
في يوم مشمس والطبيعـة زاهيــة °°° هــــب النسيم به الحدأة انتـعشت
فحلقت بفخــار الكبــــر يدفعــــــها°°°نحو المخاطر والشجاعة اكتسبت
وفجأة لمحت بين العشــــب بغيتها°°°صيد ثميـــــن به تزيل ما حرمـت
دون التريث للإغــــــارة تنجزها°°° كلمع البرق من عليائها انحــدرت
لكنها صدمت فالعيــن خادعــــة°°°فالصيـــد قــط به المغرورة ابتليـت
هو اشتباك عنيف بالسـلاح غـدا°°°القـــط شوكتــه بالفعــل قد غلـــبت
فك بأنياب شـــد البـأس رقبتــها°°°حمى الوطيس به الدماء قـد سكبت
كان البقاء لمن سادت مهـــارته°°°القــط فاز أما المغيـرة انهـــزمـــت
العزم فل وانهــــارت شجاعتها°°°أضحت ضحيــــة بالتأكيد ما فعلت
قالت تخاطبـــه وهــــو ينهشها°°°:أريد صلحا إنِ النوايا قــــد صدقت
فغمغم القـط والأنياب تذبحـــها°°°:النفــس تلقى تماما مثل ما قــدمـت
البعض يخطئ فيظن أن كل شيء سهل التناول، وفي المقدور الوصول إليه مهما كانت الأحوال والظروف، وأغلب دوافع هذا الفكر هو الثقة الزائدة بالنفس، والوصول إلى درجة الغرور.مثال الحدأة التي لم تتأكد من فريستها أولا،ثم إقدامها على المغامرة بدافع الثقة الزائدة بنفسها دون أن تتحسب لنتائجها.هذا المثال يمكن إسقاطه على الكثير من التجارب في حياة الإنسان أفرادا وجماعات وشعوبا ودولا ،الكثير من الأحداث التي مثلت القصة بحذافيرها وكان أبطالها من بني البشر، والتي كان للاستهانة بالغير واحتقار شأنه وبالا على الطغاة والمتكبرين،:طغيان فرعون ورد موسى باعتماده على سلاح الإيمان وعون الله.بلقيس والهدهد وسليمان حيث قال الشاعر:
لا تحتقر كيــد الضعيــف فربما°°°تموت الأفاعي من سموم العقارب
وقد هد قدما عرش بلقيس هدهد°°°وخرب حفرالفأر سد المــــــآرب
وقال كثير عزة:
ترى الرجل النحيف فتزدريه°°°وفي أثـــوابه أســــد هصور
ويعجبك الطـــــرير فتبتــــليه°°°فيخلف ظنك الرجل الطـرير
وقد ترى شخصان أحدهما يتكلم وفي نبراته هول الجيش،حانقا يتميز غيضا،مستعملا أطرافه صعودا ونزولا معبرا عما يكنه ويجيش في صدره
بينما يقابله آخر يرد عليه بهدوء يغلب عليه الخجل والاستحياء.وبسرعة تحكم على الأول بالشجاعة والجرأة والإقدام بينما تحكم على الثاني بالجبن والضعة وقلة الحيلة .لكنك ستتراجع إذا وضعا على المحك وحينها ستدرك ان الوقاحة المبهرجة ليست شجاعة وأن الخجل الصامت ليس جبانة.
والأمثلة كثيرة في كل زمان ومكان وخلاصة خلاصتها سيادة سوء التقدير والحكم على الأشياء حسب مظاهرها والغفلة عن جواهرها.
هذا ما تعلق بالأفراد، أما ما يهم الشعوب والدول والأمم فحدث ولا حرج.
فرنسا ظنت أنها بغزوها للجزائر في سنة 1830ستجد لقمة سائغة وإن غزوها سيكون عبارة عن جولة سياحية تفرج عن القلب وتريح النفس إلا أنها صدمت ولعلها في قرارة نفسها ندمت ،فخلال132سنة لم يهدأ لها بال وعاشت في بلبال وبال حيث دفعت الكثير من أبنائها إلى الموت جراء سوء تقديرها.ورغم الدروس التي تلقتها إلا أنها لم تتعظ ،وأوضح درس كان معركة الجرف التي وقعت في22سبتمبر1955 ودامت 8أيام والتي أصبحت تدرس في الكليات الحربية وتقنيات إدارتها من طرف المجاهدين الجزائريين.كان عدد المجاهدين في حدود 350 بأسلحة خفيفة وألغام ، أما قوات العدو الذين غررت بهم وأوقعتهم قيادتهم في أتون الجحيم، فقد بلغ عدد أفرادها 45000 مع أسلحة حديثة من مختلف الأنواع ولمختلف أنواع القتال،جلها مستعار من الحلف الأطلسي.أسفرت المعركة على هزيمة فرنسا ماديا ومعنويا،مقتل أكثر من 700جندي فرنسي وأكثر من ذلك جرحى (فرنسا اعترفت فقط ب 600 قتيل ومثلهم جرحى).وتحطم عديد الآليات وإسقاط عدة طائرات.كل ذلك يمثل قصة الحدأة ويسقطها على الطغاة المتغطرسين.
أمريكا المعتدة بقوتها رأت في الشعب الفياتنامي لقمة سائغة تضيف بها فخرا لرصيدها في العنجهية والتعالي، لكنها صدمت وندمت ورغم عددها وعتادها خرجت من الحرب تجر أذيال الهزيمة. وكذا حالها في أفغانستان، حيث اضطرت لطلب الغفران من عدوها طالبان.وكذا حالها في العراق حيث شربت على القذى بدل ما كانت تأمل من ماء سلسبيل رقراق.وليقس ما لم يقل. وخلاصة القول أوجزها في ما يلي:
إذا ما خدعت ببعض البشــر°°°وكنت تراهـم قطيع بقــر
حليبا لذيذا وعجــــلا حنــيذا°°°بلا نصـــب وبدون خطر
سيأتي يــــــوما تراهــــم به°°°ذئـــابا كستها جلود البشر
وحينها سوف تعيد الحساب°°°لكن ذلك بعد الضـــرر
أحمد المقراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق