...............
أحمد المقراني.
...........

الشعب والحياة ــ بين الضحك والبكاء ــ.
أبو القاسم ألشابي شاعر الأمة ولسان الحرية والهمة،من مقامه العلي ونور أعماله الجلي، أرادت روحه أن تطلع على ثمار ما زرع وآثار ما صنع، وهو الذي نظم قصيدة إرادة الحياة، التي تغنى بها كل من نطق الضاد، وكانت النبراس للأمم للتخلص من الهيمنة والاضطهاد، والدليل للخروج من الهم ودرك الوهاد. ظنت الروح أن الزرع الذي أفلحه قد نضج ثمره وآتى أكله. قصدت السوق وهي لا تسبر أغوار قومها إلا من خلال التجمعات .سارت الهوينا في توأدة وأنات، تتأمل المشاهد والمناظر، التي لم تزد شيئا عن الماضي والحاضر، بل البعض تدهور وكبا، وسيف العزم فل ونبا،وهو ما أوحى لها بالوضع، وما يحمله من هم ووجع . لفت انتباهها تجمعا في إحدى ساحات السوق، سمعت هرجا ومرجا تصفيق وتهليل وصياح ، وكان أغلبها إعجابا وإطراءوارتياح. تقدمت ورفرفت فوق الجمع لترى الحاوي 1وقد سرح افعى الكوبرا،التي انتصبت في وسط الجمع واستنفرت وبسطت عنقها وتمايلت على نغمات النشيد المنبعثة من حنجرة الحاوي على وزن دقات الدف. تعجب الروح لما سمع قصيدته إرادة الحياة قد حورت وحولت ونقحت، فلم تعد تحكي الصمود والعزة، بل أصبحت تترنم بالعجز والانكسار والهزة.
الجماهير تتوافد وتتدافع وإليه تسعى، والدنانير تتهاطل بغزارة على بساط الأفعى، والأكف بالتصفيق تلهب، والحناجر تهتف وتترنم وتطرب، مما زاد الحاوي دفعا ويمكن متابعة القصيدة التي أصبحت تحكي أوضاع الأمة وأفكار شعوبها،والحاوي يلقيها بحماس الترديد وبرنة ابلغ أغاريد النشيد وإليكموها:
إذا الغاشي يـــوما أراد الحـــياة°°°فـــلا بد أن يتلافى الضرر2
ولا يرمي بالفكر نحو المـعالي°°°فإن المعاليَ مرمى السمــر3
ويجبن عن قرب ذات الجــمال°°°لأن العذول بـذاك أمــــــــر
طـريق المعالي غزته الوحوش°°°ويخشى الغثاء درب الخطر
ويـرضى بـــــذل ومســكنــــة °°°فظلهما يعني طـــول العمر
وحينها فاللـــيل سوف يطـــول°°°فلا النجم بـــاد يناجي القمر
وترتـــــــــاب الأم في نجلـــها°°°وليــدها زرعٌ بــــدون ثمــر
ومـا الأم إلا ربـــوع يعــــــاق°°°وليدها خبٌّ أصــلاها الجمر
وحينها يسلب الجار حــــرمته°°°يحل التبــــاغض يولى الدبر
وحين الشعوب تضيع الظّهير°°° فالوحدة كانت للنصر ممــــر
هناك يسود الطـــــغاة البغــاة °°° يذل الكريم ويصلى السّعــر
آمال الأحـــرار غدت حلـــما °°° أماني الشعوب بهم تنــــدثر
تُكـــمُّ الأفـــــواه إذا صرخت °°°وضجّت بها النازلات العسر
فهذا قتـــــــيل وهـــذا سجيــن°°°وهذا تهيــــــــأ له أن يـــــفر
وامسك الطاغي بحبل الغريب°°°وصـــار عجيــــنا به يُؤتمر
وكل المصــــــــائب لما يغيب°°°رص الصفــــوف،ألا نعتبر؟
°°°°°°°
وواصل الســـــــــرد لمــا بـدا°°° قبولا من القــوم غَلَّ الـدُّرر
دنانير سحـّـت ولا في المنـام °°°وإطراء فـــاق قطوف الثـمر
وضجّت الساحة عجّـت ثغـاء°°°وغصّ الطريق بجمـع البشر4
الدفُّ له الفضـــل في جمعهم °°°العـــزف كفيل بمحو الضجر
وأقبل الشرطي يشهر عصـاه°°°تفـــرّق الجمـــــــع شذر مذر
هناك انثنى الروح يجر أساه°°°على الزرع فيه الـجراد انتشر
رفرف الروح بجناحه المهيض بوضع الأمة المريض وجهته مثواه يجر وراءه آلامه وأساه. وأسأل هل بالغت..؟ أحمد المقراني.
ملاحظة :لمزيد الفائدة الرجاء الإطلاع على قصيدة الشابي (إرادة الحياة)للمقارنة بين أمسنا ويومنا.
1 ــ مُلاعبُ الثعابين والأفاعي .2 ــ غثاء السيل من البشر.3 الرماح العوالي.4 ثغاء مأمأة النعاج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق