...............
* صادق الهمامي /تونس *
...............
راهب الليل
*********
ولّى وجهه شطر السّماء
راهب هجره الكرى
ابتهل في خشوع
كناسك أنهكه التعبّد
غمس عينيه في الأجواء
رفع يديه في تحدّ
محاولا قطف النّجوم
ظلّله الأفق البعيد
عصفت به حيرة
بأنامله مشّط لحيته
مقلّبا صفحات خياله
راسما ملامح حبيبته
على صفحة الهواء
استرق النّظر
يمنة و يسرة..
ثمّ إلى الوراء
في تخفّ..
و بسرعة فائقة..
أخرج من طيّات الشّوق
زجاجته المحبّبة
دفعة واحدة
في جوفه أفرغها
ألقى سدادها بعيدا
في جوف الدّجى
ماسحا شفتيه
بطرف كمّه المهدّل
متلمّظا بقايا النّبيذ المعتّق
و ما رسخ من الذكرى
ترنّح مخمورا..
ضائع الخطى..
أطلق ضحكة عالية
شعر لحيته سوّى
بنظرة ثاقبة دون سواها
فتح أبواب الفضاء
ظهرت له دروب شتّى
الخيال و ما حوى
تخيّل أنّه معها..
داخل غرفتها..
حاصرته صورها..
أمام المرآة اجلس طيفها
وضّاحا جميلا..
له تراءى..
شعر مسافر في المدى
مبهم كليل شتاء
ثغر متموّج بالإبتسام
كورد ربيع بلّله النّدى
عيون كعيون المها
شاردة في الظلماء
تأمّلها طويلا..
ثمّ أردف قائلا :
ويح قلبي كيف نسي؟
شوقي و حنيني إليها..
ثارت به رغبات شتّى..
عصفت به أهواء..
بسرعة على المرآة ارتمى
تناثر طيفها شظايا
خاب المسعى ..
و خاب الرّجاء ..
ثاب إلى رشده بعدما
غرق في بركة من دماء
وقتها أدرك أنه..
مازال على قيد الحياة
وما هي إلاّ أضغاث جنون
مازالت بالقلب عالقة .
* صادق الهمامي /تونس *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق