...................
حسن منير
..............
قصة
غريب
أسدل الليل ستاره على المدينة معلنا توقف الحركة فيها ليلجأ كل من كان يهب ويدب إلى بيته لينعم بالدفء والطمأنينة، لائذا من قساوة البرد، متلذذا بما طاب من أكل وما ساغ من شرب مسرورا وسط أفراد عائلته، متدثرا بأغطية تقيه قساوة البرد وتوفر له الراحة الشاملة.
هناك! وفي أحد الأزقة المظلمة، وفوق إسفلت مغطى ببضع كراطين تكور جسد لشخص ضاما رجليه إلى صدره، تغطيه بطانية مترهلة أكل الدهر عليها وشرب تملأها ثقوب وتمزقات يحشر فيها جسمه النحيف حشرا. يتقلب ذات اليمين وذات الشمال، يستجدي الدفء فلا يجده ويطلب النوم فلا يدركه إلا بشق الأنفس. تزعجه الكلاب الضالة التي يدفعها فضولها لمعرفة ماهية هذا الشيء المتكور على نفسه، فيطردها في تثاقل وخمول، ليقلقه مواء القطط تارة أخرى
هو واحد من الكثيرين الذين لفظتهم الحياة وتنكر لهم الزمن ونبذهم المجتمع. لاأحد يعرف اسمه ولامن أين جاء؟. يقضي يومه متسكعا بين المحطة الطرقية والجوطية، غير آبه بما حوله لايؤذي أحدا ولا يعير اهتماما لأحد. يقتات بما يجود عليه به بعض أصحاب المحلبات ومحلات المأكولات الخفيفة من دون شكر وكأنه واجب عليهم إطعامه.
وفجأة ومن غير سابق إنذار يختفي عن الأنظار، تاركا وراءه عدة تساؤلات. لقد شكل غيابه حيرة لدى الجميع وكأنه تحفة أثرية فقدت من موضعها رغم أنه لم يكن أحد يعيره إهتماما أو يأبه لوجوده.
مضى على غيابه عدة أسابيع ، ليعثر على جثته متفسخة في إحدى ضواحي المدينة.لا أحد يعرف متى مات؟ ولاكيف مات؟
لقد عاش لغزا، ومات لغزا، وترك لغزا محيرا في أذهان من عرفوه شخصا ولم يعرفوه هوية.
حسن منير في،16/02/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق