الأحد، 2 أكتوبر 2022

 ....................

عطر محمد لطفي

....................




القبطان
قلبي يتصارع كبحر به عواصف قوية تتجاذبني الحكايات والقصص التاريخية وتسأل عن ما في من تساؤلات؛ لما لا تكون قلوبنا مع بعض نتحد نعمل ونصمم على النجاح، نبني للمستقبل صرحا جميلا ؟!!!.
لم كل هذا الحقد والغل في القلوب؟!!!.
لم كل هذه المشاحنات والضغوطات ؟!!!.
كل واحد يبحث عن شيء يخلصه، يبحث عنه بأنانية وحب ذات لا تنتهي.
أبتسم حين أتذكر الماضي أحن إليه، لتلك الأيام اشتاقها واشتاق لكل لحظاتها.
أتذكر حين كنا يدا واحدة تتقاذفنا الأمواج إلا أننا في مركب ثابت هذا لأنه يوجد قبطان واحد يبقيه على اتزانه.
لكن القبطان كبر بعدما توالت السنون وحان الوقت ليرتاح، لم نجد خليفته فتهنا بين الأمواج وأهوال البحر الغاضب.
فأصبح للقبطان نسخ وأعداد متنوعة، فالكل يريد منصبه ويقول نفسي، لذا تجد المركب بدأ في الميلان ولم نستطع إختيار القبطان المناسب لهذا المكان.
قل الزاد وكثر الهرج والفتن الداخلية وسرقت منا فرحتنا وبهجتنا وكل أحلامنا وأمنياتنا وتدخلوا في خصوصياتنا، زال الحياء وباتت الأخلاق تتنازل عن حقوقها لأن أصبحت غير مقبولة في نظر ضعاف النفوس .
كيف حصل هذا وبهذه السرعة الفائقة.
لماذا لا نتمسك ببعض بقوة ومن يريد تشتيتنا ؟!!!.
لم الكل منحاز لهذه الناحية من المركب ولا يريد التزحزح ؟!!!.
لم لا تكون فيه وحدة حينما يأتي الإعصار؟!!!.
أين نجد قبطان يتولى القيادة ويسوقنا إلى الأمان؟.
كيف علقنا هنا؟!!!.
يا للخسارة!، فالكل اقترب أجله لكن لا أحد يأبه لذلك، فالكل يضحك ظانين أن الإعصار سيمضي، لكن الموت ينتظرهم بالمرصاد.
في هذه اللحظات رأيت ولد وبنت ناحية المركب يمسكان بأيدي بعضهما البعض بشدة ويقول لها: لن أترك يدك غاليتي مهما جرى، مهما كانت من الأمور فأنت لي ولن اتركك أبدا .
ذلك الولد رغم صغر سنه إلا أنه أثر في فلم اكن أنتظر منه هذا التصرف، ما الأمر؟.
ماذا يجري رغم هول الموقف يمسكها وبرغم أنه يعرف أن المركب لم يبقى له وقت وسيغرق لا محالة إن لم نجد حلا، إلا أن له نظرة شجاعة ذكرني بفرسان الأساطير الإغريقية اللذين لا يهابون التنانين النافثة للنار .
الأمر جلل فقد بدأ المركب قي الميلان والكل تمسك بشيء يساعده على السباحة.
وقف الولد في وسط المركب وهو لا يزال ممسكا بيد البنت نظر إلى وجوههم الشاحبة وحركاتهم الصاخبة وقال: إلى متى والكل ينظر الى نفسه ويحاول النجاة لوحده، بقي القليل ونموت جميعا، اتعلمون؟ لم أنتم صامتون أين تلك القوة التي تجمعكم؟ أين القبطان؟!!!.
ساد الصمت فالجميع مستغرب من هذا الولد الضعيف، الكل يعرف أن كلامه صادق صريح من منا يقول هذا الحديث كلنا رجال ونساء لم نفكر بما قال الكل بدأ في التساؤلات.
هل لها من إجابات مقنعة؟!!!.
هل هناك من يقول هيا اتحدوا؟
لا يوجد سوى الصمت الصمت القاتل الذي يشل العقول الكل ينظر بعينين صامتتين لكن الولد لم يصمت بل زاد في القول: يامن تظنون أن صمتكم سيخرجكم من الموت فاعلموا أنه الموت بعينه فهو من يقتلكم مرحلة مرحلة إنه الموت البطيء .
مال المركب أكثر وأكثر والكل في صمت رهيب وبدأت مياه البحر في الولوج والكل على ما هم عليه من ذهول لا حركة ولا تفوهوا بحرف من هذا المشهد الرهيب.
الكل يريد الموت والحياة في نفس الوقت، يا لها سخرية الحياة.
في هذه اللحظة بالذات جاهد الولد وهو ممسك بالبنت ينظر لها وعيناه تقولان بكل رقة وحنان : حبيبتي لا تخافي ولا تجزعي فأنا بجانبك.
وفي عمق الواقعة وقف شيخ بكل ما تبقى له من قوة يصارع الموت القادم من المجهول قائلا: يا فتى خذ بيدي سأساعدك ونقوم باللازم لكي نخرج من هذه المعضلة، يجب أخذ كل مجموعة إلى جهة لكي نوازن المركب علها تحل المشكلة .
فرح الولد وقال: الإتحاد قوة والله لن يخذلنا إن شاء الله.
الكل رأى تصرف الشيخ فقام الواحد تلو الآخر بمسك أيدي بعضهم ذاك لأنهم أحسنوا أن ليس لهم نجاة سوى بالتعاون .
ما أجملها من لحظة.
جماعة أخذت جهة بعد أن كان الكل في مكان واحد، وهنا استوى المركب لأن الكفة استوت بانتظام من فيه .
فرحت البنت والولد والشيخ وقاموا يحمدون الله ويشكرون فضله .
هنا قال الشيخ للولد: لقد نصبتك قبطان هذا المركب هل يوجد أي اعتراض؟
رد الجميع بصوت واحد: موافقون .
انتهى.
بقلم الأديبة عطر محمد لطفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق