الاثنين، 31 أكتوبر 2022

 ..................

(عبدالفتاح حموده)

..........



الشروق الجميل
منذ صغري وأنا أعاني في حياتي مالم يعاني منه أحد أبدا.. ولم يفارقني الحزن وكأني خلقت خصيصا له.. وكأن الشقاء قد رفض أن يتركني لحظه واحده أسعد فيها.. فلا أذكر موقفا سعدت فيه أتحدث عنه حتى أكون منصفه في سرد الشقاء الذي بلغ ذروته وعشته لحظه بلحظه.
فمنذ نعومه أظفاري وأمي كانت تعاملني بمنتهى القسوه لدرجه أنها كانت تقسو علئ بالضرب بقطعه من الخشب مثبت في طرفها مسمار مدبب أوتكوي أي جزء من جسدي بسكين وضعته علي النار وكأنها زوجه أبي ولا تطيق وجودي أو كأنني لست أبنتها.. فقد كانت ترى أن القسوه في تربيه الفتاه الريفيه أمرا طبيعيا خشيه أن تنساق وراء اللاتي في المدينه وما يتنقل عنهن من أخبار من هنا أو هناك.
أما أبي فقد كان مثل بعض الآباء يرى أن دوره في الحياه قاصرا على توفير أحتياجات البيت فلم أذكر أنه ضمني إليه في رفق وحنان كما يفعل الآباء غالبا ولم ينكرعلي أمي قسوتها في تربيتي بل أغمض عينيه حتى عن الأسم الذي أخترته أمي عند مولدي وهو إسم موضع سخريه من كل من يسمعه.
وعندما تقدم للزواج مني أحد شباب قريتنا سعدت بذلك على أمل الخروج مما أجده من قسوه بالغه وما هي إلا بضعه أيام قليلة سرعان ما شعرت كأنني لم أغادر بيت أبي فقد كان زوجى هو الآخر لايقل قسوه في التعامل معي عن قسوه أمي وكأنها حذرته من التراخي في التعامل معي لدرجه أنه قد أحبط محاوله انتحار كادت تؤدي إلى حتفي ووجدته قد بدأ يلاطفني ويعاملني في منتهى الرقه وأنا فى غايه الدهشه حتى أيقنت أنه قد فعل ذلك للحصول على السلسله الذهبيه الوحيده التي امتلكهافأضطررت لاعطاؤها له لبيعها ليتمكن من السفر للعمل في إحدى دول الخليج.
ولما عاد بعد بضعه سنوات دفع كل مايملك في شراء قطعه أرض زراعية تبين فيما بعد أنه أشتراها من رجل اوهمه أنه صاحبها بأوراق مزوره.
وذات يوم سقط زوجى مغشيا عليه وحمله بعض الناس وقد فارق الحياه على الفور.
وهكذا رحل زوجى وتركني صفر اليدين لا أملك قرشا واحدا.. ولم أرغب في اللجوء إلى أمي فقد فررت منها بلا عوده الأمر الذي أضطررت للعمل سواء في سوق القريه أبيع واشتري أو أعمل في أرض زراعية أو اعطي دروسا خصوصيه لبعض أطفال القريه أو... الخ ولم انم في يومي إلا سويعات قليله
وان كان الأمر قاصرا على نفسي فقط فلن أبالي ولكن كل ما كنت أفعله من أجل أولادي. وقد اعرضت عن الزواج نهائيا من أجلهم وآخر من رفضت الزواج منه هو شقيق زوجى فلم أعد أستطيع أن أتحمل المزيد من المعاناه ومن تتحمل مثلي ما تحملته.
ووقفت ذات يوم أمام المرآه وبكيت بشده ما آلت إليه حياتي ونسيت إني امرأه لها كيانها ومشاعرها.. غيري تنعم بحياتها وأنا أشقي فيها.. غيري تجد من يتحمل عنها وأنا أحمل فوق رأسي وطأه المسؤليه.. غيري تجد من يحنو عليها ويضمها إليه في رفق وموده وأنا أعيش وكأن الحياه قد خلت إلا مني.. تحطمت.. أنهارت قواي.. وفي حركه لا اراديه أمسكت المقص ونزعت شعر رأسي كله فأنا أي شئ إلا أن أكون امرأه ابدا.
ظللت على هذا الحال حتى حدثت المفاجأة الكبري فمنذ بضعه أيام انتشرت الأنباء عن انتشار فيرس الكورونا في العالم كله وبالتالى لم أعد أستطيع العمل إلا خلال الساعات المسموح لنا التحرك خلالها.
وذات يوم جفاني النوم ووجدت هاتف ابنى الجوال ففتحته لكي أقرأ كل ماتقع عليه عيناي حتى استوقفي مقالا أعجبني كثيرا (دعوه للتفاؤل) الذي نشره الأستاذ عبد الوهاب مطاوع وما احوجني لمن يخرجنى مما أعاني منه ومن الإحباط الشديد الذي أشعر به.
فبادرت إلى الكتابه له في صفحته الخاصه فرحب بي ترحيبا طيبا ووجدته أبا رحيما عطوفا.. استطاع بسعه صدره وهدوءه المميز.. وتاثيره العجيب في أن يجعلني أشعر كأنني أعرفه منذ زمن بعيد واستطاع ببساطته وحسن متابعته أن يجعلني أتحدث معه في كل ما قاسيت منه في حياتي
فقد جعلنى أشعر كأنه الأب الذي افتقدته ومن يومها أصبح كاالشروق الجميل الذي أشرق وجوده ظلمه حياتي.
مع تحياتي (عبدالفتاح حموده)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق