........................
محمد المطاوع تونس
......................
رِسَالَةٌ إِلَى اٌلرِّيحِ
تَحَرَّرْتِ يَا رِيحُ حَتَّى تَكُونِي
بَلَاءً عَلَى اٌلْغَابِ تَلْوِي اٌلْغُصُونْ
أَبَعْدَ اٌنْطِوَائِكِ خَلْفَ اٌلْجِبَالِ
وَ بَعْدَ اٌعْتِصَامِكِ طُولَ اٌلسِّنِينْ
تُفَجِّرُكِ اٌلْحَادِثَاتُ فَتَطْوِي
بِعُنْفٍ سُهُولًا وَ تَفْرِي حُزُونْ
كَأَنَّكِ مَا جُبْتِ هَذِي اٌلْبِقَاعَ
وَ مَا صَارَعَتْكِ قِلَاعُ اٌلْحُصُونْ
أَلَيْسَ اٌنْعِتَاقُكِ يَا رِيحُ فَيْضٌ
مِنَ اٌلْيُسْرِ بَعْدَ اٌنْحِبَاسٍ لَعِينْ
حَذَارِ فَإِنَّ مَجَارِي اٌلْأُمُورِ
مُبَطَّنَةٌ مِنْ رِمَالٍ وَ طِينْ
وَ فِيهَا اٌلسَّلَاسَةُ وَ اٌلْاٌنْقِبَاضُ
وَ فِيهَا اٌلصَّلَابَةُ أَيْضًا وَ لِينْ
وَ فِيهَا اٌلتَّأَرْجُحُ بَيْنَ اٌلْمَرَامِي
وَ فِيهَا اٌلتَّدَحْرُجُ هَذَا يَقِينْ
تَبَرَّمْتِ يَوْمًا مِنَ اٌلْعَاصِفَاتِ
وَ لَمَّا عَصَفْتِ نَقَضْتِ اٌلْيَمِينْ
سَمِعْتُكِ بَيْنَ اٌلْكُهُوفِ تُغَنِّي
أَفِي اٌلنَّورِ وَلْوَلَةٌ وَ طَنِينْ
سَمِعْتُكِ فِي اٌلظُّلُمَاتِ تُنَادِي
أَفِي اٌلْفَجْرِ بَعْدَ اٌلتَّعَافِي أَنِينْ
تَوَلَّدتِّ يَا رِيحُ مِنْ غَضَبٍ
وَ أَقْلَعْتِ مِنْ عَثَرَاتِ اٌلشُّجُونْ
وَ أَسْرَعْتِ كَاٌلْغُولِ سَاخِطَةً
إِلَى ضِيقِ أَنْفَاسِ صَدْرِ اٌلسُّكُونْ
وَ هَا قَدْ وَصَلْتِ إِلَى اٌلصَّحْوِ أيْنَ
تَلَاشَتْ مَعَ اٌلشَّكِّ كُلُّ اٌلظُّنُونْ
فَهُبِّي مُلَاطِفَةً كَاٌلنَّسِيمِ
عَلَى هَضَبَاتِ مُرُوجِ اٌلْحَنِينْ
وَ بِاٌلْأُنْسِ دَغْدِغِي حُلْمَ اٌلصَّبَايَا
وَ حَنِّي أَكُفَّ أَيَادِي اٌلْبَنِينْ
بِحِنَّاءِ سِحْرٍ لَعَلَّ اٌلهُدُوءَ
يُنَغِّصُهُ اٌلْاٌنْخِفَاضُ لِحِينْ
فَكُونِي عَلَى اٌلطُّهْرِ يَا رِيحُ حَتَّى
نُحَصِّنَ أَعْمَالَنَا بِيَسِينْ
هُنَاكَ عَلَى اٌلْقِمَمِ اٌلشَّامِخَاتِ
تَلَوْتِ سُطُورَ اٌلْكِتَابِ اٌلْمُبِينْ
عَلَى مَسْمَعِ اٌلسَّرْوِ وَ اٌلسِّنْدِيَانِ
بِمَنْأى عَنِ اٌلْجَهْلِ وَ اٌلْجَاهِلِينْ
هُنَاكَ وَرَاءَ اٌلْجَزَائِرِ بُحْتِ
بِسِرٍّ إِلَى اٌلْبَحْرِ كَانَ دَفِينْ
وَ أَلَّبْتِ يَا رِيحُ جُنْدَ اٌلعُبَابِ
عَلَى مَنْ عَلَى فُلْكِهِمْ رَاكِبِينْ
تُرَى مَا دَهَاكِ وَ فِيهِمْ عَذَارَى
وَ مَنْ هُوَ سَيِّءُ حَظٍّ حَزِينْ
أَرَاكِ جَرَحْتِ خُدُودَ اٌلْوُرُودِ
وَ مَزَّقْتِ سِتْرَ اٌلْحَيِيِّ اٌلْأَمِينْ
أَرَاكِ قَطَعْتِ ذِرَاعَ اٌلدَّوَالِي
وَ فِيهِ تَجَنٍّ أَلَا تَشْعُرِينْ
أَفِي مَا فَعَلْتِ صِيَانَةُ عَهْدٍ
وَ هَذَا اٌلنَّخِيلُ تَشَكَّى وَ تِينْ
وَ هَذِي اٌلْبَسَاتِينُ يَا رِيحُ تَبْكِي
وَ هَذَا اٌلْبَنَفْسَجُ وَ اٌلْيَاسَمِينْ
تَعَاليْ نُضَمِّدُ هَذِي اٌلْجِرَاحَ
وَ نُبْرِمُ عِقْدًا حِمانَا يَصُونْ
وَ نُقْسِمُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّنَا
عَلَى تُرْبَةِ اٌلْغَابِ أَلَّا نَخُونْ.
محمد المطاوع تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق