..............
ماهر اللطيف
................
من الجهل ما قتل
بقلم: ماهر اللطيف
كتبت على حائطها كالعادة "من يريد أن يمضي وقتا ممتعا ويراني عارية وألبي رغباته، فليرسل لي رصيدا، ومن يريد وصالي مباشرة وقضاء وقت ممتع معي يأتيني على الخاص لنتفاهم ونتفق... " وبقيت تنتظر "جمع المكبوتين" من الشيب والشباب حتى يتواصلوا معها ويتاقسموا وقتا من المجون والفجور مقابل ما تطلبه منهم ككل مرة.
وبالفعل، فقد وجدت القبول من قلة من متابعيها الذين لهثوا وراء إشباع غرائزهم الحيوانية واتباع شيطانهم الذي زين لهم السوء إلى أن ظنوه خيرا وطريقة مثلى للترفيه وافراغ بعضا من الكبت الذي يعانون منه.
فكانت تتلذذ هذه اللحظات وتتمتع بما تقوم به وهي فرحة مسرورة لما تحصلت عليه في المقابل رغم معرفتها لجبال المساوئ التي جنتها في المقابل وغضب الله الذي لا تعوضه كنوز الدنيا ولا ثرواتها مجتمعة.
فتراها مع هذا تقول بصوت حنون ورقيق وهي تتصنع وتحاول اقناع مخاطبها بحداثتها وتحضرها وعدم اكتراثها بأي شيء مهما كان بما فيه المادي - وهي تبحث عن أي مورد ومدخول إضافي لتحسن من وضعها وحالتها الاجتماعية والاقتصادية بما فيها المتاجرة بجسدها :
- مرحبا بك عزيزي، كيف حالك؟
- ( بلهفة ورغبة) أهلا بنور، انيريني بهذا الجسد الجميل
- ( ضاحكة) تمهل حتى نتعرف
- (مقاطعا) لم ادفع للتعرف يا نور بل للتمتع....
ومع آخر توصل وتجول :
- مرحبا حبي
- (مندفعا) أهلا بالعاهرة
- (مقاطعة) أمك العاهرة
- (شاتما) اصمتي يا قذارة المجتمع، هيا ناوليني مقابل ما دفعت دون هراء....
ومع غيره وقد بدأ القلق يعتريها:
- أهلا نور عيني
- ( بكل ثقة في النفس) مرحبا، إني ملتهب وأود ان تطفئي ناري
- (مقهقهة) زد التهابا حبيبي لنتمتع سويا أيما تمتع
- (مقاطعا) لا أقدر على الانتظار....
لكنها كانت بين الفينة والأخرى تتذكر واقعها المرير وكيف انحدرت من عائلة بدوية فقيرة نزحت إلى المدينة بغية تحسين الوضعية فازدادت فقرا على فقر بعد أن استحال الحصول على عمل قار أو وقتي للأب والأم والأخوة إلى أن طرقوا باب التسول، فالسرقة - للأخ الأكبر الذي يقبع في السجن حاليا للمرة السادسة او السابعة بتهمة السرقة الموصوفة - والتحايل- الأخ المتوسط كان يتظاهر بالعمل وسيطا عقاريا حيث يقنع الباحثين عن السكن على وجه الكراء او الشراء بقدرته على تمكينهم من طلباتهم بادنى الاثمان، فيأخذ منهم تسبقة او جزء من المبلغ المقترح ويغيب عن الانظار إلى أن كثرت التشكيات فاوقفته الشرطة متلبسا بعد أن نصبت إليه كمينا - وغيرها من الطرق...
فخرجت الأم للعمل في المنازل وامسى الأب يتسول من جامع لآخر، فيما بقيت البنت الوسطى في المنزل وارتأت نور المتاجرة بجسدها ،علما وأن جميعهم لم يتجاوز السنة السادسة ابتدائي على أقسى تقدير بالنسبة لمقاعد الدراسة...
وفجأة، ورد على هاتفها طلب تواصل على الخاص، فطلبت منه الرصيد أولا قبل أن تفتح له الكاميرا، فمكنها من ذلك حين فتحت الكاميرا، ويا ليتها لم تفعل، فقد تمنت ان تنشق الأرض وتبتلعها تماما مثل والدها الذي كان مخاطبها الذي طلب طاعة الشيطان واشباع غرائزه الحيوانية حينها وكانت قرينته ابنته التي فتحت الكاميرا من حساب وهمي لم يحمل اسمها او هويتها او ما يدل عليها، فكانت الطامة الكبرى والفضيحة العارمة التي التصقت بالعائلة جراء إفشاء الأم لكل ما جرى بمجرد ان علمت بذلك، فلم تستطع التمالك والتماسك فاشتكت أمرها لجارة من جيرانها تولت فيما بعد نشر الخبر واذاعته في كل مكان مع عديد الإضافات والاشاعات إلى أن بات الخبر قصة وحكاية تقترب للاسطورة أكثر من اقترابها للواقع وهو ما عجل بهرب العائلة ونزوحها مجددا إلى مدينة أخرى بعد طلاق الوالدين ومحاولة انتحار نور مرارا وتكرارا دون النجاح في ذلك بما ان ساعتها لم تحن بعد ولم تقدر على تحدي قدرها...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق