................
زهير الرافعي
...............
الفقير ريحته وحشة .. (1 )
************************
حكايات الفقر لا تنتهي .. فهي باقية ما بقي الزمان ..
لكن أغرب هذه الحكايات تلك المستقاة من المثل الشعبي القائل :
" الفقير ريحته وحشة " ..
فأول مايلفت النظر في هذا المثل هو بلاغته الصارخة وما تنم عنه من فداحة المعني ..
وحكاية مدام شكرية ومدام فوقية تنضح بمعاني المثل وقسوته ..
كنت صبياً يافعاً حين عاصرتهما .. وعيت عليهما وهما في أربعينيات العمر ..
جمعتهما الأخوة والتوأمة .. بينهما في الميلاد خمسة دقائق ..
تزوجت الست فوقية من سليل عائلة ثرية من أحدى مراكز محافظة البحيرة ..هو أحد ورثة أبيه أطيان ,مزارع,حدائق غناء وحسابات بنكية متخمة بالأموال
وبحسب ما نمى إلي مسامعي كان حفل زفافها وكأنه ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة
أما الست شكرية .. فكان من نصيبها زوج متواضع الحال .. موظف في إحدى الدوائر الحكومية .. حاصل علي بكالوريوس الخدمة الاجتماعية .. تم زواجهما في منزله المتواضع .. شقة غرفتين وصالة .. كائنة بمساكن المحافظة ..
والحكاية بدأت يوم أن كنت مدعواً مع الأسرة إلي عرسُ أحد الأقارب في بلدتنا ..
وكان ضمن الحضور .. الست فوقية والست شكرية ..
وهما من صديقات أسرتنا ومن المقربات بحكم جوار النشأة في قرانا ..
كانت الست شكرية مرحة الطباع .. محبة للمرح .. تتمتع بروح الدعابة مع الأهل والأصدقاء .. ويومها .. سمعتها تضحك وهي تعاتب أحدي قريباتها بسبب تقصيرها في زيارتها قائلة :
- معلش .. أصل الفقير ريحته وحشة ..
أصابني اندهاش شديد .. وبت يومها أتسائل غير مصدق :
أحقاً الفقير ريحته وحشة ..؟
تصورت حينها أن الأمر جد .. وليس بهزل ..
وكان أن توجهت إلي جدتي بعد أنتهاء الحفل ..
لتحكي حكاية الست فوقية .. والست شكرية ….
زهير الرافعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق