..............
هارون قراوة
...............
ملاحظة : قصة آليت على نفسي ان اكتبها ، لان مفاتيح احداثها واقعية
............................ الضياع (من الأرشيف).............................
كان من أنبل شباب - المشتى- وأحسنهم أخلاقا ورجولة ، أما هي فكانت تسكن بيتا فوق ربوة تشرف على المشتى وتتوسد نبع الماء الذي يؤمه الجميع....
......فتاة رائعة الجمال والمنبت... هادئة... وقورة يحبها كل من عرفها....... كانت تعرف عنه كل شاردة وواردة فحملت له بين ضلوعها حبا.... لا يوصف......
وكان هو كذلك......
بشغف وارتجاف جوانح كانت تنتظر - مع كل غروب- مروره الى النبع ليسقي حصانه الذي لا يفارقه
ومع الايام تجرأت لترفع يدها لتحييه في استحياء فكان يرد عليها بطريقته.....
وتمضي الايام مسرعة ويتجذر الشوق ، ولم يعد بالإمكان الصبر على التلاقي وقد بلغ بهما الشوق منتهاه ، فاقدمت على خطوة دفعت ثمنها لاحقا.....
في ذلك اليوم ، ترقبت مروره وسبقته بدلوها الى النبع وهي ترتجف رهبة ورغبة في مصارحته بمكنون فؤادها..... ترجل الشاب لرؤيتها وتقدم منها بثبات ، فنكست رأسها حياء وبادرته متلعثمة : « أنا.... أنا. » وضع يده على شفتيها قائلا : « لا تكملي... أعرف كل شيء.......أنا أيضا...... » وبحنان ورقة ضمها الى صدره فأحس بأنها ترتجف كعصفور بلله القطر ، وقلبها يكاد ان يطير... وقبل ان يتركها همس في أذنها : « سنلتقي...... أعدك » ثم غادر بهدوء.
ي تلك الأثناء كانت عينا الأم من وراء الستار ترصد المشهد بتفاصيله الدقيقة.
لم تدر الفتاة كيف عادت ، وأسرعت الى فراشها.... لتحلم...... بينما كانت الأم تخطط لأمر وهي تخلو بزوجها في حوار ساخن........ وما ان هجم الليل حتى كانت الركاب تخب بها نحو المجهول تاركة وراءها حلما لم يكتب له ان يرى النور.... ..........
سنوات سبع تمر عليها في الغربة لم تكن كافية لإخماد النار التي تشتعل في داخلها ، وطفح بها الكيل فأصرت على الزيارة.......... وعادت..... عادت ومعها طفلاها........ مع الغروب كانت في الموعد وخرجت
تتنسم ريحه وتنتظر مروره ، ولكن الأم التي كانت تراقبها فاجأتها بالخبر :« ....لا فائدة ، لقد باع حصانه وسافر منذ زمن بعيد ».... أخرستها المفاجأة فلم تعقب وغادرت للنوم.....
في الغد - وبكبرياء الأنثى المجروحة - قصدت النبع بخطوات ثقيلة ، وقفت في نفس المكان فتراءى لها طيفه برجولته الهادئة وأحضانه الدافئة فارتمت على الثرى تبكيه بلوعة وتخاطب طيفه من خلال دموعها
« ها قد عدت يا ( ..............) فاينك ؟ .... أينك وقد وعدتني باللقاء... مد لي يدك..... فأنا أموت »
بعد لأي نهضت معفرة وعادت الى البيت محطمة
لا تقوى على السير فبادرتها أمها مشفقة وقد لاحظت ما حل بها « ...يا بنيتي........... » أسكتتها يإشارة من يدها قائلة : « لا تتعبي نفسك....فألمي أكبر من مواساتك ، وحزني لا ترتقه الأيام ،والنار التي في داخلي..... يا أمي... لا يطفئها الصبر »...ثم سكتت برهة لتواصل :« ...... أمي... لقد قتلتني... يا أمي»
ثم قامت بحزم ، وأصرت على الرحيل..... ورحلت...
رحلت هيكلا بلا روح... رحلت ولم تعدْ أبدا .
و....أسدل الستار على المأساة.
....... .............................. . ....... هارون قراوة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق