.....................
مدحت رحال ،،
..............
نظرة في حديث :
أنظروا المتخاصمين حتى يصطلحا
__________________________
يعود الكلام ثانية في هذا الحديث والطعن في صحته ،
ويربط بعضهم بينه وبين حادثة فدك للتدليل على بطلانه ،
ساتناول هذا الحديث استقراءا ،
فلست من علماء الحديث ،
هذا الحديث إما أن يكون صحيحا كما يراه البعض ،
او غير صحيح كما يرى البعض الآخر ،
فإذا لم يكن صحيحا فلسنا بحاجة لمناقشة ما ليس بصحيح ،
وأما إذا كان صحيحا ساحاول استقراء ما بين الحروف من دلالات ،
الحديث يقول : انظروا المتخاصمين فلا ترفعوا اعمالهما حتى يصطلحا ،
نظرة إلى كلمة / المتخاصمين تعني ان هناك فئتين او طرفين متخاصمان في امر يدعى كل منهما انه صاحب الحق فيه ،
فهو امر خاص بهما ، عليه نزاع ،
يقول الحديث انظروهما حتى يصطلحا ،
حثا لهما على حل سبب الخلاف وإرجاع الحق لصاحبه ، حرصا على عملهما ان يرفع لهما ولا يكون هذا النزاع مهما بلغ سببا في تأخير رفع العمل ،
فهو ندب لإزالة الخصام اكثر منه حكم قاطع بوقف العمل ،
اظن أن الامر وضح في حدود استقراء ما بين السطور ،
ولنأت الآن إلى حادثة فدك بين فاطمة الزهراء رضي الله عنها وبين أبي بكر رضي الله عنه ،
ولفاطمة وجهة نظر واجتهاد ، ولأبي بكر كذلك ،
تتلخص القصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أقطع في حياته قطعة في ارض فدك لابنته فاطمة تعتاش منها ،
هذه الارض لم تكن إرثا ،
فهي لا تدخل ضمن مفهوم الإرث ، لأن الإرث لا يكون إلا بعد وفاة صاحبه ،
وهكذا فهمت فاطمة قصة فدك ، وهذا ما توصل إليه فقهها ،
ارض اقطعها الرسول إياها في حياته فهي ليست إرثا يرد بعد موته ، خاصة انه لم يرد في القصة ما يشير من قريب ولا من بعيد ان الرسول بين لها ان هذه هبة موقوته بحياته وترد بعد وفاته ،
واجتهاد فاطمة وفقهها هكذا له جانب كبير من الحق والصحة في رأيي ،
وناتي إلى موقف أبي بكر :
يعتمد أبو بكر إلى ما سمعه وغيره من المسلمين من قول الرسول :
نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه فهو صدقة ،
واجتهد أبو بكر بأن أرض فدك يجب أن ترد إلى بيت مال المسلمين على اعتبار أنها إرث ،
هذا القول في ان معاشر الأنبياء لا تورث صحيح فيما تركوه من مال يخصهم ،
ولا اظنه ينطبق على ما اقطعه الرسول لفاطمة ،
فهذه مما أفاء الله على رسوله من أهل القرى وليست من حر ماله ، فهي فيء يقسمه الرسول بين المسلمين ،
ولا شك ان الرسول قد أقطع بعض المسلمين من هذا الفيء ،
وفاطمة واحدة من المسلمين
ولعل ابا بكر لم يأخذ بهذا الإجتهاد كما فهمته فاطمة ،
فلم تكن الارض مما يورث لانها كانت قبل وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وهذا ما اصرت عليه فاطمة ،
وهذا سبب الخلاف بينهما ،
وهنا نسأل :
هل هذا الخلاف بين فاطمة وأبي بكر ينطبق عليه الحديث : امهلوا المتخاصمين حتى يصطلحا ؟
فهمنا في بداية الحديث انه يتعلق في أمر خاص بين متخاصمين يدعي كل منهما انه صاحب الحق فيه ،
وأرض فدك ليست كذلك ،
وبالتالي ليست حجة على الحديث ، ليقول قائل هذا يعني ان عمل فاطمة وأبي بكر لم يرفع لمخاصمتهما ،
فالمخاصمة لم تكن بينهما على أمر يخصهما شخصيا ،
وإنما كان اختلافا في فقه الحدث نفسه ، فليست الارض متنازع عليها بين ابي بكر وفاطمة ،
ولهذا فإن قصة ارض فدك ليست حجة على الحديث لما بيناه في اختلاف الإجتهاد ،
كما اني احمل الحديث على المتخاصمين من نوع واحد ،
يعني خصام بين الرجال
او خصام بين النساء ،
وإنما العلاقة بين رجل وامراة فهي ليست من هذا النوع ، فهي علاقة في أضيق الحدود الضرورية الشرعية والإجتماعية ، والمخاصمة بينهما ليست هي المعنية بالحديث ،
هذا ما قرأته بين السطور
فإن اصبت فالحمد لله
وإن أخطأت أستغفر الله ،
مدحت رحال ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق