الجمعة، 29 يناير 2021

 ..................

ماهر اللطيف

................



عــــــــــــــــــــــــــــــــزف الحيـــــــــــــــــــــــاة
بقلم:ماهر اللطيف
نعزف على أوتار الحياة أحلى النغمات المشجية للآذان الحالمة بالمطالب والأمنيات الطائرة بين ثنايا السموات وعبق آيات القرآن المقروءة والمحفوظة بين جميع الكائنات المؤمنة بها في كل الأزمان والحضارات وبكل اللهجات واللغات...
نعزف على جميع الآلات حسب الاختصاص ، المهارة ، المعرفة ، الحنكة ، القطعة وما بها من فنيات ، أسرار وتقنيات ، مداخل ومخارج الآلات ، دقة ولحظة بعثها لشدي النغمات حسب مفتاح الصول وما خط عليه من إبداعات ومهارات تشد الآذان وترقص الأجساد وتنعش جميع الأعضاء لتجدد فيها طاقة التحمل وتحدي هموم وآلام الزمان والمكان وبني الإنسان...
فننقر على آلة البهجة والبسمات لنسمع إيقاع الفرح ، الآمان ،طيب الأمنيات ، الحلم والطيران عاليا في سماء النشوة ، الطيبة ، السلام...،فترتعش أجساد السامعين وترقص بجنون ومجون حتى الإعياء والإغماء طالبة المزيد من الإيقاع وتنويعه رغم الإرهاق وبداية هلاك الجسد...حتى لا يباغتها السكون وما به من ألم مكنون ،جراح ومآسي الشيطان الملعون ومن تبعه من الإنس المسكون بالشرور والحقد المدفون في قلوبهم السوداء الرافضة للخير مبعث الفرح حيثما يكون...
ننفخ في آلة الأخلاق والمبادئ والقيم فينبعث منها صوت ينال من القلب وشرايينه،المخ وإحداثياته،فتنتظم دقات القلب وسيران الدم في الشرايين وتتفنن إرساليات المخ فيلفظ اللسان بطيب الكلام ويأتي الجسد بسوي الأعمال ليسجل الملاك جبالا من الحسنات...
نضرب على آلة العادات والتقاليد ضربا متتاليا،متناسقا ومتجانسا فيعطينا الرغبة في الذوبان،الخلود،الانصهار والسباحة في مياهها العطرة ن الطاهرة والباعثة على الأمل،الحلم والثقة في الغد دون قيد أو شرط...
نعزف على آلة الدين فتفيض على السامع مسحة من الطمأنينة،السكينة،الخوف من الله ومن يوم القيامة،الخشوع،...،ترميه في بحر السلم والسلام والالتزام بما جاء به الإسلام من قعود وقيام،صلاة وكلام ،حياة وطعام،اجتماع والتئام لمجالس الخير والوفاق بين الحضارات والأقوام،عمل على تكريس العدالة والنظام وما يحقق السلام وتواصل السير العادي للأيام ،الأماكن ومن عليها من مخلوقات الرحمان...
نلعب على آلة الحب فتصدح بصوت عال ينال من جميع السامعين ويجعلهم منتبهين أيما انتباه بما انه رمز الكينونة والصيرورة،الخير والشر،العبادة ومدى الالتزام بفحواها إذ أننا نحب الله ،الرسول صلى الله عليه وسلم ، القرآن،... ونسعى إلى تعميق هدا الحب وتقويته لتحقيق المنى والأهداف...
فيما يعزف آخرون على آلة الحزن فتبعث نبرات من الآهات والمآسي تنبش جراح الجسد المنتشرة في كل الاتجاهات لتعفنها وتزيد من إحساسنا بالوجع والألم ،الحيرة وتمني الموت بدل تنامي الهم،التفكير في شرور وشباك بني الأمم الذين ألبسونا طواقم الحسرة والندم لتجرعتا كؤوس الشر والقدح والذم في القيعان والقمم تحت راية الرجولة والهمم...
وينفخ آخرون في ثقاب الغدر،الخيانة،النفاق،الكذب والرياء...فتتقزز أجساد الشرفاء ويشعرون بالرجفة ،الاحتياط من عواقبها،تصدع الآذان وتوسخها....،لكنهم مجبرون على الاستماع وتحمل الآلام بما أنها جزء من المعزوفة...
ويطبل آخرون على آلة السرقة،النهب،التحايل،التقصير والتلاعب...،ويرقصون في آن واحد ليصنعوا من عرضهم عرضا منفردا يعجب هواة ضرب الطبول والدفوف...
فيما تردد المجموعة الصوتية جملا مختزلة من مقاطع الحياة وما يؤكد عليها المنشد " القدر " المؤدي لقصيدة "الحياة " الملونة بالبسمة والآهات...
حتى إذا انتهى العرض انحنى الجميع تحية وشكرا للحضور على طيب الاستماع والاستمتاع، التفاعل،الرقص،ترديد الكلمات والمقاطع.....قبل نزول الستار وإطفاء الأنوار...
فنحن دوما عزف على آلات الحياة مادام لنا فيها نصيب...نأتي إليها فنعتلي الركح ونجلس في مكاننا وسط العازفين،نشرع في الأداء حسب المقطوعة والآلة الملائمة لها والعهدة المنوطة برقابنا.نطبل،نزمر،ننشد،نرقص...،إلى أن ينتهي العرض،ينزل الستار،تنطفئ الأضواء،يغادر الحضور المسرح ونعود فرادى من حيث أتينا....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق