...........
ربيع دهام
...............
( زمن التغيير)
لو جرحوا قلبَك يوماً ، إجعل من ثقبِه ممراً لخروج الحقد منه ، لا دخول الحقدِ إليه.
وانسى الجارحَ ومن يكون ، وتذكّر فقط طعمَ الجرحَ وألمه ،
علّك لا تجرح أحداً متى حييتْ.
ولو رشقوا صدركَ بالحجارة ، لا تصرخُ ، بغرورِ الواهمين :
"الشجرة المثمرة يرشقونها ... " ، بل أنظر أولاً في عيون الراشقين.
واسأل نفسك : " هل ظلمتها؟ هل أذيتها؟ هل هي محقة في غضبها هذا؟ ".
إن كنتَ ظالماً ، إحمي نفسَك من الحجارة ، لكن لا تحميها من طلب الصفح والإعتذار.
وإن كنتَ مظلوماً ، إحمي نفسك من الحجارة ، ثم اجمعها ، واجعل منها جداراً تدافع به عن الكل المظلومين.
لا تجعل من مأساتك قضيةً شخصيةْ.
بل إنسى هوية الظالم ، وانسى نفسك المظلومة.
لكن إيّاك أن تنسى طعمَ الظلمِ ومرارته وألمه ،
علّك لا تظلم أحداً متى حييتْ.
ولو رأيت الدنيا ، كل الدنيا ، تتكتّل حقداً ونفاقاً وجوراً عليكْ ، ولو كنتَ أنت في موقف حق ، لا تعدّنَّ الأجساد التي أمامك.
فليس الحقّ بالعدد ، بل بثبات حامليه.
ولا تبالي بجسدك المتعب بعد الإلتحام.
الجسد المحطّم المنهك المسحوق المصلوب.
بل تذكّر دم الحسينِ وكيف ، بسيفِ الوقتِ ، انتصر على سيف يزيد.
وتذكّر المسيحَ وهو ، على جنحِ المحبةِ ، يسافر مع الأيام ، ومع الأحلام ، إلى كل زمانٍ ومكانٍ. بينما ظلّت هناك خيانة يهوذا ، وجشع الرومان.
إقرأ صفحات التاريخ.
هو سرُّ كبيرٌ تحمله ذرّات الهواء :
" تُكتبُ أسامي الظالمين على ألواحٍ من ثلجٍ ، وتُنْقشُ في الصخرِ، أسامي الخيِّرينْ ".
فأيها الإنسان الطيبُ المعذّبُ من ظلم الظالمين وفساد الفاسدين.
قلبكِ النظيف هذا ، حافظ عليه. أحضنه.
فهو بيت الله الحقيقي ، لا جدران كالنائس والجوامع.
وكلما رأيته يقسو ، مسِّده بالطفولة التي فيك.
وتمسّك برباطة جأشك ولا تخسرها .
واشهر ابتسامتك المُحتاجة لها الأنفس ، كاحتياج الأرضِ للورود.
واقبض على تفاؤلِك ، بيدٍ من عطاءْ.
ولا تقل : " إن الزمن الصعب ، ولهذا أعلن استسلامي ".
بل قل : " لأني أعلن استسلامي ، إن الزمن صعب ".
وإذا ما انهارت أقدام القلوب الطاهرة النظيفة ،
تُرى لأي قلوبٍ حاقدة نترك هذا العالم؟
وإذا ما اهتزّ إيمان عقول القلوب الخيِّرة ،
تُرى لأي عقولٍ شريرة نسلّم أولادنا وأطفالنا؟
الزمنُ صعبٌ نعم. ولهذا وجب التغيير.
الزمنُ صحراويٌّ نعم. فنلكن نحن العبير.
وحدها ببصيرة وإرادة أصحاب القلوبُ النظيفة ، يشرقُ زمنُ التنوير .
(بقلم ربيع دهام)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق