السبت، 30 يناير 2021

 ................

محمد عارف مشّه

................




أيام المؤن
قصة : محمد عارف مشّه
ــــــــــــــــــ
لا أحد يعرف من أين جاء مسعود البغل ، أو متى جاء ، و لماذا سمي بالبغل .
اختلف الرواة والمحدثون في أصل تسمية البغل ، فقال البعض أن مسعودا هجين النسب كالبغل ، فأمه قد هربت ذات ليلة من بيت زوجها ، الذي كان أنفه يشبه أنف البغل المفلطح ، يخرج هواء ساخنا ، وهمهمة تشبه همهمة البغل في سيره .
عادت الأم بعد وفاة زوجها ، في حادثة غامضة دبّرها ( شبيحة ) الحارة . كي يخلو الجو لمنير الثور ، ويحظى بلقاء قمر ابنة البغل الأب ، فتمّ القاء القبض على منير الثور بوشاية من المختار . وقيل حين عادت أم مسعود حملت بمسعود سفاحا ، فتهامس أهل الحي في صحة نسب مسعود ، وذلك أن أحد أسباب عودة أم مسعود المفاجئ حين اكتشف زوجها خيانتها .
أم مسعود أصرت ، وأقسمت أغلظ الأيمان أن مسعودا صحيح النسب لأبيه البغل ، وقد خرجت به جنينا قبل هروبها بأسبوع .
المختار ضحك كثيرا على قصة الحمل ، وسرح بخياله وقتا طويلا في مجلسه مع رجال الحي ، قبل أن ينفلت من شريط ذكرياته بعض الكلمات ، لتشي بحقيقة الأمر، والتي يعرفها المقرّبون من المختار . خاصة نعيم الأقرع كاتم أسرار المختار ، والمرافق له دوما في جولاته الليلة ، يحرس المنطقة المحيطة لغزوات المختار الليلية . ولا ينسى في كل مرّة تذكير الأقرع بقتله وسلخ فروة رأسه ، إن فلتت منه كلمة تكشف غزوات المختار وأسراره ، فيسارع الأقرع على تأكيد قدرته على حفظها في صدره .
جماعة منير الثور وفي جلسة تآمريه ، اتفقوا على عمل كمين لنعيم الأقرع ، واستجوابه عما حدث لمنير الثور في تلك الليلة ، وما دور المختار الحقيقي في إلقاء القبض على الزعيم منير .
تعهّدت المرأة الشقراء ، وهو الاسم الذي أطلق على أم فاطمة السوداء ، والتي تعهدت العمل على إحضار نعيم الأقرع .
وافقت الجماعة في اجتماعها السري ، و المنعقد في بيت أبي صابر اللحّام ، وأعدّوا الخطّة لاعتقال نعم الأقرع ، وتجهيز أدوات التعذيب والشهود و ... .
حضر الأقرع إلى المسجد لصلاة الفجر ، مرتديا قلنسوة الصلاة التي تخفي صحراء رأسه وندرة الشعر فيها ، وقبل أن يصل باب المسجد ، كان بانتظاره رجال منير يختبئون في زاوية قريبة من المسجد . فعاجله أحدهم بعصا على رأسه أفقدته الوعي ، فحملوه إلى المخزن السرّي .
رفض الأقرع كل التهم الموجهة إليه ، وأنكر معرفته بأحداثها ، فصدر القرار بقتل الأقرع ، بنفس الطريقة التي قتل فيها الزعيم منير ، وتنفيذ الحكم فورا .
انشغل سكان المخيم باختفاء الأقرع عدة أيام ، ثم تناسوه بانشغالهم حين جاء موعد توزيع المؤن ، إلا من ابن الأقرع الذي ظلّ يذكّرهم بأبيه ، وظلّ انشغالهم بأيام توزيع المؤن ، وسرقة الفائض منه ، وبيعه لتجار المدن 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق