..................
أحمد المقراني
.................
النجدة والشهامة ــ عندما تقدم المواعظ والدروس من ثور الجاموس
صاحت من الحيف والتحقيـر والألــم°°°وا.. ذا القرنين والإقـــــدام والهمم
ناب من الوحش هد العزم في فخـذي°°°واحسرتاه الحريم صارت من اللُّقـم
وكررتها مرارا شبح اليأس يعصرها°°°وجسمـــــــها بين كف مخلب وفــم
ومن بعيد صغى المقـــدام صيحتــها°°°فطار في عجل للبحـث فـي الأجـــم
ولاحت الحــرة الهيفـاء في ضـــرع°°° والوحــش ينهشها يزداد فـي النهـم
يا للشجاعة والإقـــــــــــدام يمنحـها °°°رب البــــــــرية للأبطال ذو الشــيم
تقـــــدم القـــــرم والأقـــدار تبعثــه °°°نحو المغير ومن بالمـوت في رطــم
فهــزّه هــزة هــــــــــزّت مفاصـلـه°°° وزاد ثـــانية أدت إلــــى العــــــــدم
وأنهض حينهـا بالفـــــــخر حرمتـه°°°وهكذا ما نــــــرى من أرفــع القـــيم
فهل تأسى بنو الإنسـان حين يــرى°°°روائع الخلـــق في الغيـر مـن الأمــم
°°°°°°°°°°°°°°
قال تعالى:وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون. سورة الأنعام آية38.
النجدة والشهامة وإغاثة الملهوف من أرقى الصفات وأجلها،ولم تقتصر على بني الإنسان،بل هي صفات تجاري الحياة وتحرسها وتؤمنها وتكملها،صفات هي بمثابة الجص والإسمنت الذي يشد البناء ويجعله قويا عتيدا ،صفات ترفع من اتصف بها وتخلد ذكره وتبقى تثني عليه وتمجده أمد الدهر،وما نداء :وامعتصماه الذي اطلقته المراة الملتاعة تطلب النجدة من ولي الأمر الذي لبى نداءها وكان الظهير النبيل لها ولطلبها واستغاثتها هذا النداء الذي بلغنا وتردد في أسماعنا ولا زال رغم بعده عنا في الزمان والمكان .
للأسف نرى مثل هذه الصفات تنكفئ اليوم ويرين عليها صدأ اللامبالاة، وتتجه لتصبح أثرا بعد عين ونحن نرى إخواننا في مشارق الأرض ومغاربها يتعرضون للقتل والتهجير والجوع ولا من معين ولا من مسعف ولا من نصير.
وعلى العكس من الإنسان الذي تخلى عن صفاته المحمودة آنفة الذكر،نرى الحيوان من أصغر مخلوقاته إلى أضخمها وفيّا لتلك الصفات وتتركز أكثر وتقوى بين آفراد الجنس الواحد إلى التعاون والتكافل بين أجناس مختلفة.
المثال الذي وددت أن أسوقه هو واحد من بين آلاف الأمثلة التي تبين التزام الحيوان رغم ما يقال عنه بالصفات المذكورة لدرجة الإعجاب والإعجاز.
بقرة الجاموس تزهو بوليدها تحرسه وتدلـله فاجأها قسورة وأراد اختطاف العجل إلا إنها وقفت تذب عن وليدها المغير، وتقف حائلا بينه وبين فلذة كبدها وبمعجزة استطاع العجل في خضم العراقيل التي وضعتها الأم أمام الوحش المهاجم أن يلتحق بالقطيع ويترك الأم في مواجهة الخطر لوحدها مما جعل الوحش يتغلب، ويقود الضحية إلى ركن من الغابة، ويظن أنه ظفر بصيده،وجه لفخذها عضة شلت مفاصلها فسقطت ليطبق فكه على رقبتها ويقطع نفسها ،ورغم ذلك استطاعت ان ترسل نداء النجدة في شكل صيحة ارتجت لها إرجاء الغابة وكررتها. القرم ذو القرنين الذي افتقدها وتحير لغيابها ورأى العجل قلقا مضطربا، اهتز لسماع صوتها ودون تأخير اتجه صوب الصوت وهو مصمم على النصر أو الموت لأنه يعلم ما بها، اشتد غضبه وثارت حميته لما رأى الوحش جاثم على ضحيته ماسكا برقبتها ينتظر توقف نبضات قلبها وهي تئن وتتألم.تقدم بخطى ثابتة وقلب لا تغيره الخطوب ولا يعرف الجزع،وبقرنه الأيمن بادره وفاجأه ورفعه في الهواء ليسقط على لأرض فيتلقفه القرن الأيسر دون انتظارمنغرزا في أحشائه رافعا إياه إلى أعلى في ذلة فيها المغير هلك،اتجه الثور بعد المأثرة التي سيخلدها التاريخ كما احكي عنه اليوم ،اتجه نحو البقرة ليطمئن عليها ويطمئنها بأنه إلى جانبها.
وبتجرد وحيادية ما رأيكم لوافترضنا أن الجاموس بجهل وغباء وخلفيات وأطماع ساعد العدو على الفتك بضحيته بدل إنقاذها...؟لكن حاشا الجاموس خرق الناموس،ناموس النجدة في زمن الشدة.
وبعد كل هذا وذاك ألا يحق لنا ان نتمنى على الله أن يمنحنا شيئا من الشهامة وفضيلة النجدة والشجاعة ورباطة الجأش والغيرة على الحق المهدور ومقاومة الظلم والظالمين وروح التضحية والفداء التي وهبها للثور البطل الحر .للحسرة والأسى اليوم نرى أخت العرب والمسلمين تنتهك حرمتها من طرف عدو بلا ذمة ولا أخلاق وهي تستغيث وتأمل في إغاثة وهمة وشرف أمتها ،إلا أن البعض وبدل النجدة ورد الظلم والذود عن الشرف قاموا بتشجيع العدو على الإمعان في الانتهاك والاعتداء الشيء الذي يمنحه مزيد الجرأة والطغيان.
آه لو مُسخنا ثيرانا مثل ذي القرنين لنقدم للأمة مآثرمواقف تذكر فتشكر ونتعلم كيف نسجل أسماءنا في سجل التاريخ.
أحمد المقراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق