...................
نظير راجي الحاج
........................
(من هلوساتي ! )
____________________________
لقد قرأت ما تيسر لي، لشعراء الجاهلية، وهم يتغزلون بحبيباتهم، أمثال:_
إمرؤ القيس مع فاطمة..
عنترة مع عبلة.
عروة مع عفراء.
طرفة بن العبد مع خولة.... وغيرهم.
__
ولأن عندي هلوسات، تخيلت نفسي أعيش بينهم، وبحثت بين القبائل عن صبية، مضرب الامثال بجمالها، فوجدتها.
وقفت على تلة، وصرخت يا قوم..هناك حدث جلل!
اجتمع الناس حولي، ليستمعوا للبيان رقم ( 1).
قلت:_
إنكسف الجمال من سحرها.. فر وأدبر..
فغرق الفؤاد ببحرها.. كر وأبحر...
قال احدهم:_
من هذه؟
قلت:_
هي ذوق الحياة، وطوق النجاة، ومجحر...
هي فينوس وعشتروت، وحوراء كوثر...
صرخ آخر:_
تباً لك يا مجنون، ألهذا جمعتنا!
راحوا ووشوا بي لشيخ القبيلة..
جاء الشيخ مهرولا تجاهي، وقال:_
انت تماديت بها غزلا، وقولك أبتر.
وأنت من تشبب، وهذر الكلام وثرثر..
ولم ترتدع، وحسن الكلام لك.. ماعاد أثمر.
فاكتب رثاءك، واشدد وثاقك، وانجر..
غادر الشيخ الجمع، واعطى اوامره لرجال القبيلة ليجروني
الى محكمة القبيلة.
فسيق بي لمحكمة، وحولي طابور عسكر..
والقاضي الحجاج... هاج وماج وزمجر.
اما انا..
فقلبي الرجاج المهتاج، بدا يحتر.
وعقلي الفجاج الضجاج، أخذ يغتر..
فوقفت امام الجميع، وعلى راسهم الشيوخ..
إعتقدوا بأني سأكون مثل ناقة، راحت تنوخ..
او مثل سكران، سيرفع الراية ويدوخ..
او جبانا، ممتلئاً بالشروخ؛
وساكون لهم ماسح جوخ..
لكن..
وقفت امامهم بكل شموخ..
وقلت:_
رشفة من شفة حبيبتي، حتما سيتحول الرضاب لسكر..
او قبلة من الخد.. وليكن ضرب الرقاب واكثر.
وصار بالمحكمة جلبة.. جلجلة..
صخب.. لجب.. الوضع تفجر..
صرخ الجمهور الغاضب:
هذا العاصي نظير، لم يتب، وما زال يقول قول منكر..
فحكموا علي بالإعدام ومن اول محضر..
والناس صاحوا... وباحوا... الله اكبر.
قلت:_
دعوني ارافع وادافع عن نفسي، فانا خير أنبر..
سيدي القاضي..سأصف لك حبيبتي...
الشَّعر...
جدائل شلال غنج لحد الكاحل..
ويمر على خصرها المائل.
ولم يكن لي حائل..
بل جعلني أتمرجح على شعرها، وأتمختر..
نعم..
شعرها.. خيوط ذهب وجوهر..
ومروج تهوج وتضوج.. حلاوة سكر...
والحواجب...
رغائب خطوط لهب ومجمر..
والعيون..
عيون مها والرمش خنجر..
والكحائل..
جعلت كل مابي، للأنهيار آيل..
ويا لقلبها ليس بي بسائل..
كان بي يقتل.. ينحر..
والجفون...
سنون رها.. والنقش يسحر..
والخدود...
مكان سجود.. والأنف منبر.
والثغر..
خفقة ودفقة أنفاس.
وطبقة ألماس..
ورقة إحساس.
ورفقة جلاس..
وزنبقة غراس..
ثغر أغر...
والشفة..
مفروشة كبساط أحمر.
وموسم الكرز عليها، تورد وازهر.
والأسنان...
طبقتي ألماس.. والأنفاس عنبر.
واللسان...
يتمختر بينهما، سلطان قيصر...
واللعاب..
عسل مصفى.. شهد مكرر.
والصوت...
صمت. كأنه لهجة بربر..
والملمس..
همس.. كانه مهجة من درر.
والمبسم..
خاتم يُرسم، كقطر بنصر..
والوجه..
قمر مكتملا في يوم بدر.
فالعمر هُنا. هَنا وحنا وانحنى وتعثر..
سيدي القاضي.. هل أكمل يا سيدي؟
القاضي:_
اوووه. أكمل يا ولدي.. اكمل، يخرب بيتك..!
قلت:_
الرقبة...
عود زان،،يوم ازهر..
والاكتاف..
مجذاف لمن بالحب أبحر..
والاصابع..
محار قواقع. والمرجان إظفر.
والصدر...
قنابل موقوتة، فمن إقترب.. حتماً تفجر..
والخصر..
ضاق حتى صار خنصر...
والساق...
مفتولة كعمود مرمر.
والمشية...
كالطاووس.. تتهادى.. تتغندر.
والملبس..
قبل ان ترتديه بخس نزر.
وبعد ان تخليه.. تبر أصفر.
يا سيدي القاضي..
هذا غيض من فيض، والباقي تستْر.
إن كنت ماقلته عنها خطيرا. فالمخفي كان أخطر.
هي سفينتي، وانا بها قبطان أبحر.
عاشق ولهان.. ونشوان يسكر.
هل اكمل سيدي القاضي؟
القاضي..
ارجوك لا تتوقف...
قلت:_
انا لا اخاف إعدامكم.. انا بن شداد عنتر.
انا فارس مقدام.. انا الغضنفر..
انا اسد ضرغام.. انا الليث حيدر..
انا عاشق ايفا.. انا ادولف هتلر..
انا بزلزال حب، بأقصى درجات ريختر..
القاضي:_احضروا الفاتنة التي تغزل بها هذا المجنون..
دخلت....
ها هو الجمال والبهاء على رؤوس الأشهاد ينثر..
فأضاء الضياء الفضاء ونوّر.
اما القاضي فلما رآها، أنخرس وتمسمر في خدر.
ثم اخذ يدور حول نفسه، ويدندن مع الخيام عمر.
{سمعت صوتا هاتفا بالسحر..
نادى من الغيب غفاة البشر..
هبوا إملأوا كاس المنى..
قبل أن تملأ كاس العمر، كف القدر}
ثم وقف القاضي، وقال:_
قضي الأمر.. قضي الأمر.
هذه يا ولدي، ملاك حب، بثوب بشر.
ماهذا والله الا سحر يؤثر.
إنطلق يا ولدي، فانت فدائي محرر..
رفعت الجلسة.
___
هلوسات
نظير راجي الحاج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق