الأحد، 31 يوليو 2022

 ....................

عصام الدين محمد أحمد

................



خور
يشع بدني تعبا،ينفرني التحرك وكأنه قد من فولاذ.
طال قعودي وكأن وجودي رقود.
الحوائط ترسمها الخطوط والعلامات،ما هي بالرسوم واضحة المعالم،وما هي بالكلمات جلية المعنى والدلالة،أشياء لا أدرك لها اسما أونعتا.
الأريكة شائكة .
النافوخ يتمدد،يمتد،يأمر القلب بالهمود،تختنق الشرايين،البرودة تكتنف الأطراف،أتشبث بحافة الفراش،محيطي فارغ إلا من أنفاسي المتباطئة.
تنفتح كوة في الحائط،ينتشر الضوء في الأرجاء.
أقبض على الشرشف.
كائنات ضوئية تنتقل فوق الحائط،تنساب في تحركها على الدوام،تنتفخ وتنكمش،نبرات مبحوحة وأخرى صادحة،مشاهد كثيرة تتزاحم وتتواتر،كلما هممت بالفهم تماهت الصور.
أشخاص يتسللون،يقينا كنت أعرفهم،خبرت ملامحهم.
الآن انطمست الأسماء في الذاكرة.
لا أحد يتحسس جبيني الملتهب،لا أحد يضع فوق جبيني الثلج المجروش.
أصيح بصوت ظننت أنه زاعق لافظا حشرجات مؤلمة.
تنغلق الكوة،وتهرب الأشعاعات.
أطير في سماء الغرفة الفارغة من الأثاث ماعدا كنبة تتوسطها،لا حواف لها،مريحة أقصد كانت مريحة،تتيح لجسدي التمدد عن آخره.
أنجذب ناحية السقف دون مقاومة؛لاحول لي ولاقوة،كخرقة بالية تتقاذفها الرياح،ترأف السماء بجسدي المتشظي،فتدعه يفلت ،فيسقط مفترشا الأريكة:
لماذا تتقاطر وتتقاطع عوالم شتى؟
أتعتقد النجاة؟
كيف لها أن تتحقق؟
ماهي الدلائل؟
أغادر الأريكة،ألف حولها مرات ومرات.
العشرات ينظرون إلي،يتربعون فوق مقاعدهم الملتفة حول الفراش:
ما الذي أتى بهم الآن؟
يتجهمون،يثرثرون بفتور.
أتأمل هيئتهم المستفزة،الإغفاءات تتناوبني،أسقط على الأرض،ما يكاد جسدي يستقر حتى أنهض ثانية،وكأنني أمارس طقوس الرقص،ما من أيادي تمتد لترفعني أو تسندني.
في المخيلة طفل يلهو ويلعب في المسجد ما بين المغرب والعشاء، بيده كراسة،يشخبط فيها خطوطا دائرية وأخرى متقاطعة وثالثة متداخلة،خلق أشكالا تحمل بين جنباتها معاناة الخلق.
المحيطون بالأريكة لا يرون الطفل،ويلمحون جسدا مسجى يدبقه العرق والأسى.
وفي الصفحات المطوية يقبع شاب يكابد الأشواك المدمية،ولكنه يقاوم أمارات السقم والهزيمة،تارة يلعب بالكرة،وتارة يقرأ كتابا،يتمسح بإنثناءات فتاة،شوارع مدينته مزدحمة،يخشى الزحام فيبتعد،تدوسه الأقدام،يبحث عن درع يقيه الاحتكاك،دوما تهزمه الأحداث،ودوما تشطره التبريرات.
أحد النظارة يصيح:
ألم تقترب النهاية بعد؟
يرد أكثرهم جهامة:
متى كانت البداية؟
في لحظات وامضة أنظر سحنات الوجوه،عبوس وضيق يؤطره التذمر ونفور خجل.
لماذا تشغل بالك بهم؟
لماذا لا يغادرون؟
لا تتغابى؛فأنت مجرد مقدمة لطقس لا يعنيك.
يأخذني الوميض .
الأيادي اللامرئية تنفضني،تخلعني شلوا شلوا،قلب يقفز،ينكمش،يتساقط منه الرجال والنساء والأطفال والشياطين،مخ تتبعثر دوائره،وتتقطع أسلاكه،غدد تنوح،لم يبق شيء على حاله،أمسى لكل عضو كينونته الخاصة،كل عضو ينطق أوجاعه،يتنصل،لم يستمر التباغض كثيرا،فقد تجمعت الأعضاء ثانية،ينطفئ الوميض،لفظتنا الألفة.
تدكك الأشواك جسدي المهزول،يتناوب المجتمعون الحضور والانصراف،وكأنهم يؤدون واجبا وظيفيا،يتهامسون،يؤزون نبرا،يزيحون مرتبة الأسفنج بعيدا.
تمت بحمد الله
عصام الدين محمد أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق