...................
: د. عمر أحمد العلوش
....................
( إِبتُ إليك ربي )
أخرجني وجع الشوق في ليل ، وأي شوق ، أتسكع بشوارع المدينة وحيداً ، كل مافيهاقد هدأ وسكن وسكت ، كنت وحيداً كسيراً .
كل أولئك المدعين لا وجود لهم ، وهمٌ وسراب وإنفصال أزلي عني ، وكنت أظنه اتصال أبدي ، وإذ بي غريباً عن كل الذي كانوا يدعون فهمي ومحبتي ، وجدتني ملقى على رصيف عمري ، وكل مافيَّ وحشة ويباب ، وقفر وفقر ، ما لُمتُ ولا عتبتُ ، ولا تحاملت على أحد منهم ، بل هذا شأني أنني من عول الآمال على غير ذي رجاء .
كل مافيَّ كان يصرخ ، ولا يرتد إلا صدى يتلجلج في داخلي .
كنت المتهالك في عالم خداع فيه الغربة و الإنفصال لا أجد فيه وفاء أوإخلاص ، ولا أحد أفضي له ، أكلمه دون ستر أوحجاب ، الكل كان عنده عذراً وذريعة وحجة مبيتةً بتفاصيلها يُشهرها بصفراويتها القبيحة ، قد ابتلعوا ألسنتهم،ومن حدثك (مدعياً) كان حديثه المتذرع،
وعقله عن لسانه منفصلاً .
أحسست أن الأرض ليست أرضي والسماء ليست سمائي ، أولئك الذين كنت أقول لهم يقيناً ( من اي سماء أتيتني ) و إذ بهم في شقوقٍ الأرض وجحورها ، قد اختفوا كنملة ذابلة تتلهى بفتات تافهٍ .
كنت أجوب الشوارع بلا هدى قدامي تقودني الى ما لا تعرف ، صدى وقع أقدامي يشعرني بأن شخصاً وحيداً في ذلك السكون .
أعمدة الإضاءة التي تقف صامتة متشابهة ، لدرجة التطابق تسكب نورها بصمت ، كرجل عجوز أنهكته السنين ، أو كسكير يتقيئ في هزيع ليل أخير .
وكأن الفجر قد لاح لي بهدىً في لحظة مشرقة من جمال ، من جمال وجداني بل جمال إلهي ، سمعت في قلبي صوت يناديني ينادي خلايايَّ ، ينادي الكل فيَّ ،وإذ كل خلية في روحي تتوب و تؤوب اليه ...لتعود لله ..
رأيت يد الله تمتد نحوي تلتقطني... وتخرجني من نفسي وصداها ، يد كل الحنان فيها عرفت أن لي ألهاً يقول عندما استغيثه (لبيك عبدي) .
ليمنحني ويمنحني حتى خجلت من منحه ، وعدت أنا إليك ربي ...لا إله إلاك سبحانك لا موجود سواك وانني كنت من الظالمين ، القرب منك ربي هو الجمال والبعد عنك القبح والفناء لأنك وحدك المطلق(كل ما سواك ضياع مطلق)
وماحنين الناي للقصب الا كحنيننا للعالم الأولي الذي إنسلخنا عنه ، فما هي الا منه ومانحن الا من ذاك .
إِبت إليك ربي ، فأنت الجمال كله .
بقلمي : د. عمر أحمد العلوش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق