الأحد، 31 يوليو 2022

 .................

علي غالب الترهوني

....................



طواحين 4…
——————-
سي محمد رجل طيب .قدم لي خبز الشعير وزيت الزيتون ..لكن مزاجي لم يكن رايق .خلاص الراجل قال اللي عندو ..وقد احس فعلا أنني ربما لن أعود .عوضا عن كون الطريق شاق جدا وكان علي كل اليوم آن أقف عند دوار الخضراء حيث يصطف عمال المناجم وفلاحي الزروع اين مزارع البستاك ومقالع الفحم علي ناصية دوغة العتيقة .كل يوم كانت لي حكاية مع البعض منهم .رجال أكبر من إمام المسجد يلفون القشاط على رؤوسهم وتلمع بشرة وجوههم السمراء كلما شقعت الشمس .جلهم فرحين بيومهم الجديد .إلا انا كنت حزين لانني تركت المدرسة لضائقة مررنا بها .لا نملك إلا دجاجات يزعجنني ويطعمنني البيض وامي كانت تهتم بها كثيرا .ياوليدي الله يوزع الارزاق ولابد ما يكون داس لينا رزق أكبر..ثم تتنهد وتزفر من أعماقها ..الارزاق بيد الله ..
وحين أقف على الناصية اجد هولاء العمال وطالبي الرزق بثيابهم الممزقة والفلاحين الماضين للحياة بهمم عالية ..هذا كله يدفعني لمزيد من الايمان .امي دائمآ تحثني على المثابرة ..الشهادة العلمية مش كل شيء.هكذا كانت تواسيني .يا ابني ربنا خلقنا اطوار وخلقنا فقراء واغنياء حتى الناس تكمل بعضها والحياة تستمر ..كم كان كلامها مريحا وتفاؤلها كبير خصوصا حين تلمح بتزويجي يوم اصبح شاب قادرا على إعالة أسرة مثل جارنا ..خميس .خميس هذا ابن خال عفاف .قالت أمي ذات مساء ونحن نلقي نظرة علي الدجاجات .طعامنا كثير الحمد لله لدينا العسل والسمن والشريح لكننا لا نأكل الكثير مخزن المؤن دائمًا عامر ..احمد الله يا ابني .كانت كل يوم تخطط لمشروع جديد .قلبت البيت رأسا على عقب .غرفتك انته وعفاف هنا وانا تكفيني غرفتي هذه حتى اموت .اقول بعد عمر طويل ..تمسح دموع الفرح .تعيش يا ابني ..ثم تمضي الى الباحة .كان ابوك ناوي يبني لك بيت في هذا المراح لكن ما باليد حيلة ..
مع المغيب مالت الشمس واختفت خلف كنيسة العذراء.جلسنا تحت ضوءً القمر .كان يشع بصفاء..خذ كأس اللبن ..الله يطول عمري ونشوف عفاف بتمدلك الكأس وانا نايمه جنبك واتفرج عليك …عفاف بنت فاطمه أمها من بلاد الساقية .عاشت على حب الرمان .وجنيات ترهونة يطلقن النذور يوم القمر يدور ويرسل هالة البدور على خدودها .اصابعها مثل الغندورة وعيونها مثل المها .شفتها يوم تزوجت خديجة بنت خالتك .كانوا جيران في ارض تماسلة علاشان هكي حضرة عفاف واهلها العرس .والاسبوع الجاي بنزورهم انا وياك في الحوش .
رايت عفاف حين اعادت الصحن الذي كان عندهم .انا من استلم الصحن حين توارت خلف ألباب بدأ قلبي يدق هكذا ..تك تك تك ..أهو الحب …
————————-
علي غالب الترهوني
بقلمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق