..................
Mo'een Hejab
..............
"يَوْمٌ طُفولِيْ."
يومٌ طُفوليْ.
وأذكرُ أُمي
التي كانت بارعةً
جداً جداً بالاحتواء.
ليسَ ذَنْبُكِ يا امي
الذنْبُ ذَنْبُ الغُرباء.
أذكرُ كيفَ كانَ
يتشكلُ العجينُ
بين يديكِ كنحتٍ
مقدسٍ يُشبهُ الطين.
يُطعمُ كلَّ تلكَ الأفواه
مباركٌ ذلكَ العجين.
أذكرُ جيداً ولا انسى
كيفَ كانت تترُكُ القُرصَةَ
وتجْعلهَا اثنَتَان
تُطيلُ رقَّها تُمَدِدُها
وتصنعُ لها مكاناً سحريْ
بين الارغفةِ على
ذلكَ الفرشِ الخشبيْ.
لم يَخْمُرِ العجينُ بعدُ
يا ولدي علينا الانتظار.
لا ترفعِ الغطاءَ عن اللَّجَنْ
ضعِ البطانيةَ جيداً
طنجرةُ الطبيخِ على النار
الرائحةُ نفسُ الطعم.
لم تكن تُحِبُ الاستِحواذ
كانت تكرهُ الاستِحواذَ
بفطرَتِهَا كأنها نورسةٌ
تعرفُ ان الجناحينَ
اقوى من رياحِ المَنسيين.
ياااا زارِعَةَ الوردِ الجوريْ
ونبتةَ السجادِ والرياحين.
وعلى البساطِ الجديد
تناديني لأُحضِرَ الجاروشةَ
من بيتِ الجيرانِ
لطحنِ مزيدٍ من القمحِ
البلديِّ مؤونةَ الشتاء
لِيَختَلِطَ معَ الطحينِ الابيضِ
بعدَ انتهاءِ الرحلةِ الدائريةِ
اعطِني يا امي حانَ دَوْري.
لقد تَعِبَت يدايَ وتَعِبَت عينايْ
تعودُ اللمَساتُ المباركةُ لتديرَ
الجاروشةَ وثانيةً تعودُ الالحانُ
كمعزوفةٍ احلى من صوتِ كمانْ.
ما زالَ الغسيلُ الابيضُ يتقلبُ
في ذلكَ السطلِ الحديديِ الجديد.
ضعْ بعضَ الحطبِ كيْ لا تنطفئ النار.
كانت شجَرةُ الكِينَا علامةً فارقةً للدارِ
كانت تستضيفُ بين أغصانِها بعضَ
الحمامِ البريّْ وطائرَ الدُورِيّْ
وطائراً مُلوَناً نُسميهِ زُرَيْقِيّْ
كانَ النهارُ طويلاً وجميلاً
وكان المساء يليقُ باسمهْ
كانت المسمياتُ تليقُ بالاسماء
لقد اختلفَت يا امي كلُّ الاشياء
ذلكَ الشيءُ الذي كنتِ تسميهِ
البركةَ لم يعُد كما كان.
الوجوهُ تغيرت كأنها غُبار
صِرنا نرى قلوبَ الناس
في وجوهِهم ونسمعُ
ما نسمعُ من صراخِهِم
رغمَ صمتِهِم نرى بُؤسهم
نرى صوتَ ضجيجهم
ونسمعُ صمتهم
لا شئ يُشبههم
لا صمتهم ولا صوتهم
كأنهم ليسوا هُم
كأنهم غُرَباء.
لا شيء يقارنُ بالشتاء
لا موسيقى احلى
من تلكَ التي تضربُ الألواح
قطرة.. قطرة..ثم زخّات
أما صوتُ البرد فلحنٌ ٱخرٌ
يَقْلبُ كلَّ معاييرِ الموسيقى
فنٌ تعزفُهُ السماءُ كما تشاءُ
على الواحِنا نحنُ كاستثناء.
وصوتُ المزرابِ كانَ الفاصلْ
عند اشتدادِ الهطولِ الاولْ
وعندَ الانتهاءْ نخرج لنُراقبَ
تلك الاقواسِ التي تظهرُ في السماء.
حانَ موسمُ الصيد.. ينتشرُ الاطفالْ
تظهرُ تلكَ النبتةُ الخضراءْ
نبحثُ أسفَلَها عن دودةٍ
لتكونَ ضحيةً على الفخْ
لطائرٍ مسكينْ يُسمى الدُورِيّْ.
كنا نخدعُ الطير
ونحنُ صغار
أما الآن فصارَ
يخدعُنا الدُورِيّْ
نَورستي امي
حُصتِي في الاحتضان
طفلكِ صارَ له جناحان
لا تكسرْهُما رياحُ الخذلان
قليلٌ من الغبارِ لا يعيق الطيران.
رحم الله امهاتنا وٱباءنا.
Muain
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق