الجمعة، 28 مايو 2021

 ....................

مصطفى الحاج حسين .

....................




*/// (( عرصات التطبيع ))..*
(( العرص )) هو القواد .
قصة : مصطفى الحاج حسين .
أراد بشار أن يجتاز المقبرة هو وزوجته الشقراء،
فالمرور من المقبرة يختصر عليهما الطريق، ويوفر عليهما المشقة والوقت ..
قالت له زوجته:
- الظلام شديد .. ألا تخاف من قاطعي الطريق ؟!
أجاب بشار ذو العنق الطويل:
- أنا لا أخاف أحداً .. أنا قوي وشجاع.
وفي وسط المقبرة، وفي قلب الظلام الحالك.. تناهى لبشار وزوجته الشديدة النحافة، صوت حركات خافتة، تقترب منهما بحذر.. فأسرعت الزوجة الفارعة الطول، إلى الالتصاق بزوجها بشار، والتمسك بيده المرتجفة.. قالت هامسة، وكانت الرعشة تطل من صوتها:
- هل سمعت ما سمعته أنا من أصوات ؟!
رد بشار باقتضاب وتوتر شديدين:
- أسكتي.. لا تصدري صوتاً.. الله يستر ويلطف بنا.
وفجأة برز أمامهما من خلف القبور، عدد ليس بالقليل من الرجال الخارجين على القانون.. كانوا يحملون السلاح والعصي الغليظة، وكانت بعض المصابيح اليدوية والتي تعمل على البطارية بين أيديدهم، فتوجهت هذه الأضواء بسرعة، على وجه بشار وزوجته الجميلة..
وصاح أحدهم يسأل :
- ماذا تفعلان هنا يا عديمي الأخلاق ؟!
وانبعث صوت بشار متلعثما، متأتأ، مرتجفا، ضعيفا، خائرا، متباكيا:
- لا .. أرجوكم لا تأخذكم الظنون.. إنها زوجتي وأم أولادي.. ونحن دخلنا المقبرة لكي نختصر الطريق.
وهمست زوجته المرتعبة، من هذا الجمع المخيف:
- نحن ذاهبان إلى بيتنا، كنا في زيارة أهلي.. وأولادي ينتظروننا في البيت.. أرجوكم لقد تأخرنا عليهم.
لكن العصبة لم تتركهم في حالهم.. قرروا اغتصاب
المرأة غير عابئين بزوجها، الذي ارتمى على أرض المقبرة، باكيا وشاكيا ضعف حاله.. قائلا لزوجته:
- دعيهم يفعلون بك ما يرغبون.. حتى لا يقتلونا.. عليك التحمل والصبر. وأجهش باكيا وهو على الأرض.
وانقض الرجال على الزوجة.. في البدء مزقوا ثيابها، ثم شرعوا يلتهمون لحمها بضراوة شرسة.
في النهاية.. طلبوا منها أن تلملم نفسها وجراحها،
وتنهض هي وزوجها بشار، ويتابعا طريقهما إلى بيتهما .
حين علم أخوتها وأبوها الخبر .. طار صوابهم، وحملوا السلاح وانطلقوا إلى بيت أختهم، ونار الغضب تتطاير من عيونهم ووجوههم.. صاح أخوها الكبير:
- أتسمح لهم باغتصابها وأنت على قيد الحياة ؟!
دمدم بشار باكيا:
- هم كثر.. وأنا لم أكن أحمل سلاحا.
وصرخ والدها المنفعل:
- ولماذا دخلتم المقبرة، وأنت بهذا الجبن ؟!
قال بشار :
- لم أتخيل وجودهم.. لقد غدروا بنا.
صاح أخوها الصغير، وكان غيظه بلغ أشده:
- والله ذبحك حلال يا عديم الشرف.
أراد بشار أن يدافع عن نفسه، ويبرر ما حدث.. فزعق:
- أنتم تظنون أنني فرطت بشرفها بهذه البساطة.. لا، أنا لم أصمت، إلّا بعد أن تأكدت أنهم أولاد ناس أكابر.. لم يكونوا وحوشا على أيّ حال.. كانوا لطفاء معها.. إسألوها إن لم تصدقوا.. يرتدون الثياب الجديدة والنظيفة.. أحذيتهم تلمع في الظلام.. جيوبهم منتفخة بالأموال، شعورهم مصفوفة، ذقونهم محلوقة، أسنانهم
مفرشاة نظيفة، صدورهم تفوح برائحة العطر.. ثم هل تظنون أنهم كانوا غلاظا ؟!هل تعتقدون أنهم أوجعوها
أو آلاموها؟! .. لا.. أبدا.. بل كانت منتشية.. منسجمة.. مندغمة.. متجاوبة.. متعاونة.. تتأوه من أعماقها.. عمري لم أجدها سعيدة بهذا الشكل.. ولهذا، أنا أعتبر ما جرى مصادفة جميلة ورائعة.. وأرجو أن تكرر دائما.
وبينما كان بشار يلقي خطبته، هجم نحوه شقيق زوجته الصغير.. وبقر بطنه بشراسة وقوة.
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق