الأحد، 29 أبريل 2018

بقلم
 عبدالله محمد الحسن
*******************



...........((  أمل على قيد الحياة   ))............

قصة قصيرة ...الجزء الثاني

لم أجد وسيلة للهروب من ثرثرة أبو الفوارس
سوى الخلود إلى النوم فها هو قد أغلق جهازه
وأطلق العنان للسانه ليحرق به الأخضر واليابس
فتارة يشتم صاحب العمل وينعت زوجته بالفاتبول وتارة يتكلم في السياسة بدون سابق إنذار
قطبت حاجباي ملتزما الصمت
ورحت ألملم أوراقي المبعثرة غير عابئا بما يقول
لعله يخرس هذه القناة الفضائية
وقدماه كمكوك الحائك من الغرفة إلى المطبخ
ومن المطبخ الى الغرفة
فلم أعيره أي إنتباه
حتى استسلمت لسلطان النوم
وماشعرت إلا حينما استيقظت على صوته
مناديا عامر...عامر
هي انهض لصلاة المغرب
فأهل زمان يقولون شاجر جارك ولا تنم المغرب
عامر عامر
فتحت عيني
تفاجئت بأبي الفوارس مبتسما يرتدي طقما رسميا وكرافة
مع إنه ليس من عادته أن يرتدي زي كهذا
حدقت به وقلت ماهذا
وقد قفزت برأسي فكرة شيطانية
قال مارأيك
فألتقطت هاتفي وقلت رائع تبدو وكأنك أفوكاتو
ألف ألف مبروك
دعني ألتقط لك بعض الصور للذكرى
ومالبثت حتى قمت على الفور
بتنزيل صورة عروس من النت
وقمت بدمج صورتها مع صورة أبو الفوارس عن طريق
الفوتوشوب
فظهرت وكأنها حقيقية فقمت بإرسالها لإبن عم له يجمعهما مقالب ومزاح وكتبت تحتها مارأيك
أجابني عالفور ...دواء
خمس دقائق وتكون الصورة عند وزيرة الداخلية أم الفوارس
وأتبعها بضحكة طويلة
نهضت عندها بعد ان أرتاح ضميري قمت بواجباتي وأعددت العدة وهيأت كل الأمور على الشرفة فانا يوميا أسهر على الشرفة بمفردي
فقد قاربت الساعة على التاسعة
الموعد الذي أعتادت أن تكلمني به هيام
شوق غريب يتملكني اتجاهها
فليس من عادتي أن أتصل بها أنا
حتى لا أسبب لها أي إحراج
فجلست على الشرفة أدخن السجائر وأحتسي قدحا من الشاي وأنا أنتظر مكالمة هيام
وأرقب السوق بحوانيته المكتظة
وبأضوائها المتغامزة فالشارع يعج بالمارة فصخب السوق وأصوات زمامير السيارات
لم تستطع ان توقف ذاك المزيج من الصراعات التي تدور في مخيلتي بأشياء كثيرة
تجعلني كرجل تائه
فهل من أمل لمن يبحث لنفسه عن أمل
فلم يستطع قطع تفكيري سوى صراخ أبو الفوارس على الهاتف القادم من الغرفة متوجها الى الشرفة ترتسم على وجهه ملامح الغضب يتأتئ ويمهمه
ثم يكمل قائلا هذا الكلام غير صحيح ثم يدبر مسرعا
من الذي أرسل لك الصورة قولي
فانفجرت ضاحكا ملئ قلبي
وأدركت أنه مطلوب لوزارة الداخلية وعلمت أن العملية تمت بنجاح
فعاد من جديد باتجاه الشرفة
قلت له خيرا ابو الفوارس
فاستدار إلي وقال بغضب مجنونة والله مجنونة تريد أن تسمم البقرة
أخشى ماأخشاه أن تسمم البقرة
مما زاد من ضحكي
لكنه ولى مسرعا مرتبكا بمشيته
متلعثما بكلماته باتجاه الباب
وماعلمت أنه خرج حتى سمعت صفعة الباب القوية وانقطاع صوته
أوقف كل شيئ هاتف هيام المنتظر
هاهي ترن من جديد لترسم البسمة على جدران قلبي
ألتقطت الهاتف وطرق مسامعي ذاك الصوت الحنون
مساء الخير عامر
قلت مساء الأنوار هيام
قالت هل تعلم عامر بأنني قرأت حياتك من كلماتك ومما زادني تعلقا بك  بوحك لي عن أشياء كثيرة بحياتك
والأكثر أستمرارا بتلك العلاقة معاملتك على مدار عام كامل  هي التي صدقت بمابحته لي وبماسطره قلمك
وتعلم بأنني تنبأت لك بأشياء
عن امل تبحث عنه وقد بات اليوم شبه محقق وسيتحقق بعون الله
قلت صحيح
قالت عامر
قلت نعم
قالت أنت اليوم بلا مجاملة أقرب إلي من نفسي ولن أخجل بما سأحدثك به
وكما أنك لم تخفي عني تفاصيل حياتك فأنا لن أخفي عنك شيئا
قلت تفضلي هيام فانا أسمعك
وستكون أسرارك أسراري
قالت عامر أريد منك ان تكتب قصتي بأسماء مستعارة
قلت وماالغاية من ذلك
قالت لتعلم عني أولا كل شيئ
وحتى يعلم الجميع
أن الأمل في هذا العالم لا زال على قيد الحياة
قالت أنا أبنة عبدالعليم ياسر
الرجل الذي تمرغ بالسياسة الخارجية
كان رجلا معروفا من بين رجال الدولة
لكن للأسف اقول لك وبكل جرأة
 بأنه رجل نزع الله من قلبه كل صفات الرحمة
فأنا أبنته الوحيدة من زوجته الثانية
التي لم تعرف معه طعم السعادة يوما
فكنا نقيم أنا وامي في بيت جدي والد أمي
وكان عمري آنذاك أربع سنوات
قلت هل كان يقيم معكم
قالت لا لم نكن نراه إلا بالمناسبات
فأغلب اوقاته إن لم يكن مسافر
ففي بيت زوجته الكبيرة
فلما علمت زوجته بقصة زواجه من أمي
أزدادت الأمور تعقيدا
فقد كانت إمرأة سليطة وقوية
ظلت تضغط عليه
حتى وصل أبي بنهاية المطاف لطلاق أمي
وكان عمري وقتها ثمان سنوات
فوجدت نفسي أمام أمرا لا مفر منه
وعلمت من أمي بأن أبي سيأخذني لأعيش معه بقصره
الفخم مع زوجته السليطة واولاده الستة
وفعلا حقق أبي مايسعى إليه
وانتزعني من حضن أمي
 بقانون حكم القوي على الضعيف
وانا في الثامنة من عمري
وكأنه ينتزع الأمل الوحيد المتبقي لي بهذه الدنيا
وجدت نفسي أمام خيار لا مفر منه فأمام دموع أمي
رافقته وأدخلني قصره
بحياة جديدة فارهة
وقفت أمامهم وانا أجهل مايخبأه لي القدر
وقفت أمام أربعة أولاد وبنتان
الذين هم أخوتي من أبي  وأمرأة قوية ترمقني بنظراتها الحادة
وقلبي يكاد يتفطر ألما لفراق أمي
خائفا مرتجفا مشتتا
أمام هذا المصير المجهول.....يتبع

بيروت  29/4/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق