الخميس، 29 مارس 2018

بقلم
محمد فاروق عبد العليم

*   *   *              ألحنين              *   *    *
وقفت مشدودا امام رووووعة تلك الساقية والتي لا زالت تدور منذ الاف السنين تروي سنابل القمح واشجار الزيتون وكروم العنب دون تعب او كلل او ملل كم هي جميلة رائعة والماء يتدفق منها صافي زلالا  يجري في المساقي في كل اتجاه يروي ظمأ الزروع والماشية يحوم من فوقه الطير يشرب ويغرد سعيدا طربا والفراشات تطير هنا وهناك كم هذا عاد بي للماضي البعيد ذكرني بتلك الفتاة راعية الغنم والتي كانت تأتي بغنمها لتتذود بالماء وهي واقفة في شموخ وعظمة تنادي اغنامها تارة وتعزف علي الناي  والذي لا يفارق يدها  وتارة اخري تداعب تلك الفراشات باللوانها الزاهية المزركشه والكحل يزين عيناها الواسعتين السمراوتين وتارة تجلس تحت كرم العنب تستظل وعناقيد العنب باللوانها الحمراء ورائحتها الذكية تتدلي من فروعها لتقطف بعض العناقيد وتناولني اياها لاتذوقها واستطعمها حتي جاء اليوم الذي سافرت فيه الي اقصي الشمال لاعيش سنوات طويلة لاتزود من تلك الشقراء تاركا من خلفي كل ما احببت تاركا وطني وحب طفولتي وشبابي  لاعيش مغتربا في بلاد الجن والملائكة 
ولطالما المني الحنين والوحدة والغربة  والشوق الي وطني  وتلك راعية الغنم التي افتقدها كثيرا والتي انقطعت اخباراها عني اين ذهبت وفي اي ارض تعيش
كم يأخذني الحنين الي الساقية والي اشجار السنط واشجار الليمون والتفاح الي الطريق الممتد بجوار الغدير والماء يتدفق سعيدا صافيا كأنه قطع من الزجاج كم اشتاق الي تلك شجرة التوت والجميز والتي كنت ساعات طويلة اجلس اعزف علي الناي والطيور  والحمام والزرزور يطير من حولي طربا سعيدا منتشيا
 يأخذني الحنين الي موسم الحصاد والفلاحين راكبين دوابهم والات الحصاد وزلعة المياه معهم يغنون وينشدون اغناني الحصاد وفي المساء يجتمع الاهل والاصدقاء في عرس من ابناء القرية يغنون تلك الاغاني الفلوكلورية والتي اندثرت مع الحياة المدنية والالات الصاخبة والالات الموسيقية الغربية والتي هي غريبة علي مجتمعنا وثقافتنا كم يأخذني الحنين لتلك الفلاحة وهي تسحب خلفها قطيع من الماشية ابقار وجاموس وماعز واغنام وهي تقدم لهم البرسيم وتقوم بحلب  البانهم لتصنع منه الجبن والسمن والذبادي
انها تلك حقبة من التاريخ اختفت مع ظهور الالات الحديثة في الري والحرث وحتي حلب المواشي
ال كاتب و ال مفكر
محمد فاروق عبد العليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق