.............
مرشد سعيد الأحمد
............
قصة قصيرة
بقلم: مرشد سعيد الأحمد
جبروت امرأة
لم يكن اليوم الأول من تصحيح أوراق إمتحان المرحلة الإعدادية لمادة الرياضيات كباقي أيام السنين الماضية عبارة عن تبادل تحيات وأحاديث ذكريات عن سنوات خَلت بل كان يوما حزينا بالنسبة لخلف وزملاؤه وزميلاته بسبب وفاة زوج زميلتهم كنانة إثر إصابته بجلطة دماغية أودت بحياتِه على الفور بعد ان ترك لها طفلين في المرحلة الابتدائية
حيث جلس الجميع حولها يواسوها ويقدمون لها التعازي
وقد اثرت حالتها الحزينة بالاستاذ خلف كثيراً واغرورقت عينيهِ بالدموع عندما قالت : لقد شاءت إرادة الله ان يحرمني من زَهوة شبابي بعد أن حرم والدتي واختي الأكبر من زهوة شبابهن وبنفس الجلطة التي مات بها زوجي علاوي وبدأت تُذرِف الدموع من عينيها الجميلة الواسعة وهي تسيل على خديها البيضاء اللون مع احمرار بسيط يزيدهارِقة وانوثة اضافة الى جسمها الرشيق الموشح بالسواد الذي يزيدها جمالاً وأناقة وبعد الانتهاء من تقديم التعازي والمواساة ردت كنانة على إحدى زميلاتها بعد ان قالت لها:
لكِ ولأولادك رب ماينساكم
فقالت: ونعِم بالله ثم تابعت كلامها قائلِة :من الناحية المادية ترك لنا المرحوم حصته في معمل لصناعة المكيفات الصحراوية بما يعادل النصف وحصة اخرى في فندق خمس نجوم على شاطيء نهر الجغثم بما يعدل ستين بالمية اضافة الى البناية التي نسكنها والمكونة من أربعة طوابق
لكن الحياة والسعادة يا اختي لا تكتمل بدون الرجل
فالرجل في البيت رحمة حتى لو كان فحمة
هذا الكلام جعل خلف يهتم بماقالته ويحلله في ذهنه
وخاصة عبارة الرجل رحمة حتى لو كان فحمة
فهو ذلك الرجل القروي صاحب البشرة السمراء والجسم النحيل والذي تزوج إبنة عمه سراب بعد ان حصل على شهادة البكالورية ولم تنجب له طفل يحمل اسم عائلته
فقرر الزواج منها ليحقق حلم عجزت سراب ان تحققه له إضافة الى طمعه بالثروة التي ورثتها من زوجها
طلق خلف زوجته سراب التي عاشت مع اهله وتحملت جورَهم وعملت معهم في الارض وفي تربية الماشية حتى أنهى خلف دراسته وأدى خدمة العلم
وتزوج كنانة وعاش معها في بيتِها ومع ولديها
لكن السعادة التي كان يحلم بها كانت بعيدة المنال وظهر ذلك خلال الايام الاولى من زواجه فقد لاحظ خلف رجل انيق في لباسه يرافقه اينما ذهب وأينما توجه الى دروسه الخصوصية دون ان يكلمه او يحاول ايذائه مما دفعه الى الذهاب لصديق الطفولة المحامي احمد المسالمة ويحكي له عما يجري معه وماهي الاجراءات الممكن إتخاذها لحماية حياته
فرد عليه المحامي قائلا: اعتقد ان هناك معلومات كيدية وصلت للجهات المعنية بحقك وهذه الجهات تحاول أن تدرس وضعك وسلوكك قبل اعتقالك .
وردا على سؤال خلف عن القرارات التي صدرت لتزيد من حصانة المعلم ومكانته الاجتماعية
قال المحامي : هناك قوانين الطواريء وقوانين الارهاب تُبطل هذه القرارت عندما يكون اي رجل خطر على أمن الوطن والمواطن فهي خط احمر لا يمكن تجاوزه.
هذا الكلام جعل خلف يعيش في كابوس من الوهم والرعب وأصبحت صحته تتدهور بسبب القلق وقلة النوم وقلة الشهية للطعام وملاحقته من قِبل ذلك الرجل
وبعد عدة ايام تفاجأ خلف بكلام زوجته كنانة عندما قالت : اليوم ياحبيبي قررت ان اعطيك وكالة عامة لتسيير اعمالي وأملاكي بعد ان أصبحت لدي ثقة تامة بك من خلال اختباري لسلوكك السوي عن طريق الرجل الذي كان يرافقك خلال الفترة الماضية فرد عليها خلف بغصة قائلا:
" فعلا ياغافل الك الله"
ومن اين اتيتي بهذه الفكرة الشيطانية ؟
فردت عليه من أمي عليها رحمة الله .لقد كانت تقول لنا " يا مأمنة بالرجال مثل ما تأمني المي بالغربال "
وعندما سألها ومن هو هذا الرجل ؟
قالت هذا الرجل ابن خالتي وقد سبق لي ان كلفته اكثر من مرة لمراقبة سلوك وتحركات المرحوم زوجي السابق
فقال لها خلف : المرحومة امك ماكانت تتوقع ان يكون هذا الرجال رجل فيعود الى زوجته الاصيلة بعد ان يقول لكِ " طالق طالق طالق "
انتهت
سوريا - الحسكة 28/3/2020
ملاحظة هامة:
انا لا اقصد احد بهذه القصة ولا اقبل اسقاطها على احد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق