الثلاثاء، 31 مارس 2020

...............
محمدختان
.............

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏


-قصة-
"...القطار..."
...داخل محطة القطار ,إلتقيا عند صعود باب عربة القطار كل منهما يضع رجله على الدرج للركوب على متنه,يشهامة ترك لها الأسبقية المرور,فتاة بمقتبل العمر ذات حسن وجمال ترتدي ملابس فضفاضة طويلة محتشمة بلون وردي فاتح ,وشعر طويل مجعد مسدول على الكتف فوق رأسها تضع قبعة دوم نسائية كبيرة,ونظارة شمسية تغطي العيون حاملة لحقيبة يد سوداء تجر ورائها شنطة سفر من الحجم المتوسط,تنبعث منها رائحة عطر جميل تصعد إلى العربة بحذائها الأبيض الرياضي,ثم يلها هو محاولان البحث عن مقاعد فارغةللحلوس فيها,حتى وصلا إلى جناح فيه مكان فارغ لتدخل هي للجلوس واضعة الحقيبة على الرف,في حين تابع هو البحث بين القاطرات دون فائدة حتى وصل الى اَخر ,فالكل مملوء ليعاود أدراجه من حيث أتى إلى الأمام ربما يجد له مقعد خالي ليستريح فيه فسفره طويل,وأثناء عودته بين العربات وعند إقترابه لنقطة صعوده بإحدى الجناح, سمع شابين يتفوها بكلام مشين يندى له الجبين يوحي بتحرش جنسي يسيء بمقومات أنثى كفرد بالمجتمع,فاق كل المعايير الإنسانية المتعارف عليها دينيا ودنيويا أو دوليا,مما ألح عليه محاولة التدخل الفوريلكن باعقل وتروي دون أن يدخل معهما في شجار ,فمن حسن حظه كان هناك مكان فارغ بجانب الشابة التي لم تنيش بكلمة واحدة للرد أو الدفتع عن نفسها لاِستحيائهاوخوفها من اِستفحال الأمور وتضخيمها,لذا أطبقت ضبط النفس وألزمت الصمت مطأطأ الرأس.
فطن إلى اللجوء لحيلة التمثيل مع أنها معادلة صعبة لاتقل خطورة عليه من المواجهة لردة تلك الشابة,ليدخل كأنه عاد على عجل وهي متواجدة أمامه متفوها قائلا موجها لها الكلام ,مانحا الظهر لمن يوجد خلفه مرددا اَسف عزيزتي اِضطررت للذهاب للعربة الموالية فدورة المياه هنا مقفلة, فجلس بقربها متفحصا تقاسيم وجهها ليكرر اَسفه العميق عن التأخير,تم يعتدل في جلسته وكأنه للتو فطن بوجود شابين بمقتبل العمر جالسين بالمقاعد المقابلين, فبادر بإلقاء السلام عليهما طالبا منهم أن يكونا محض خير بينه و بينها فهي عابس بوجهها عنه, لم يتجرئا عن الكلام ولم يتحركا ساكنا فعقلهم مشتت وبالهم مشغول تلح عليهم أسئلة عديدة,متشابكة ومحيرة حول من يكون هذا الشخص و أي قرابة تجمعه مع الشابة وهل قد تخبره مما جرى ليبدى عليهما اِرتباك واضحا بالملامح فخفضا الرأسكأنهم حملين وديعيين,ليبادر المتحدث عن قضية الساعة وما يروج عن وباء فتاك فشي في البلاد على نطاق أوسع وتداعياته,بأوساط المجتمع ومدى حس وعي المواطنين بالاِستجابة الفورية لنداء الوطن اللجوء للحجر الصحي الذي هو بمثابة الحل الوحيد للوقاية وتفادي ما قد لا يحمد عقباه من نتائج قد تكون وخيمة وكارثية.
مسترسلا كلامه بأن ما يقع ما هو إلا عقاب من الله سلطه على عباده ليتعضوا ويتوبوا ويعودوا للطريق المستقيم,فقد غرقوا بملذات الحياة وتجبروا بطغيانهم في الأرض واِنتهكوا المحارم وغرقوا في الحرام وتفشت الرذائل, وكثرة الزنا حتى باتت النفس البريئة تلقى بالمهملات أو يتخلى عنهم ناهيك عن خيانة الأمانة ,نكث العهود ,تفشي الكذب,زيادة عن شهادة الزور والرشوة المستفحلة بكل القطاعات دون إستثناء,لدرجة أنه غاب عن الساحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وشباب عديمي الأخلاق والتربية متأسلمين خرجوا عن الملة والدين وتجردوا من الأخلاق يبعثون في بالأرض فسادا.
ليضيف أن هذا الوباء ما هو إلا غضب مما كسبت أنفسنا وأيدينا وخروجنا عن الطريق المستقيم والدين القويم,لحظة توقفا الشابين إستعدادا للخروج من العربة كأنهم إقتربوا من الوصول لوجهتم ثم اِنصرفوا مغادرين دون كلمة ولا ردة فعل مغادرين القاطرة حتى غابوا عن العين , توقف القطار للحظات ثم تحرك ليظهروا عبر النافدة منصرفين إلى المحطة إحدى المدن المتحضرة,حينها اِنفرجت تقاسيم وجه الشابة وأطبق الصمت حتى نزلا كل منهما لمقصده وبغيته.
النهاية . بقلم: محمدختان 3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق